مع اقتراب نهاية شهر رمضان المبارك، يتجدد النقاش في المغرب كل عام حول الطريقة المثلى لإخراج زكاة الفطر، حيث تنقسم الآراء بين من يفضل إخراجها عينية من غالب قوت البلد، ومن يعتبر أن تقديمها نقدًا هو الأجدى. ويتعلق الجدل بمدى تحقيق كل طريقة الغاية المرجوة من الزكاة، والإسهام في إدخال السرور على قلوب الفقراء خلال عيد الفطر.
قيمة زكاة الفطر في المغرب لعام 1446: تحديد رسمي ورؤية فقهية
حدد المجلس العلمي الأعلى في المغرب قيمة زكاة الفطر لهذا العام بما يعادل 23 درهمًا للفرد، مشيرًا إلى أن الأصل الشرعي لإخراجها يتمثل في تقديمها عينية، بكمية صاع نبوي من غالب قوت البلد، ما يعادل حوالي 2.5 كيلوغرام من الحبوب. تأتي هذه القيمة مع ترك الباب مفتوحًا للاجتهاد، حيث يمكن إخراج الزكاة نقدًا وفقًا لما يراه الشخص أنسب لظروف الفقراء.
ويرى لحسن السكنفل، رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة الصخيرات – تمارة، أن النقاش حول الطريقة المثلى لإخراج الزكاة هو أمر طبيعي، نابع من تباين آراء الفقهاء. وأشاد بالتنوع الذي يعكس رحمة الإسلام وسعة اجتهاد العلماء، معتبرًا أن الهدف الأسمى هو تحقيق النية الصادقة في أداء الفريضة بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة.
زكاة الفطر نقدًا: اجتهاد يستجيب لاحتياجات العصر
من جانب آخر، يدافع البعض عن إخراج زكاة الفطر نقدًا، مستندين إلى أن تقديم المال قد يحقق الغاية المرجوة بشكل أفضل. الباحث في الشأن الديني أحمد البوكيلي أوضح أن المدرسة المغربية الاجتهادية، التي تستند إلى المقاصد الشرعية، تدعم تقديم المال كزكاة فطر، نظرًا لأن الفقراء يفضلون استخدام المال لسد احتياجاتهم الأساسية أو شراء ما يرغبون فيه.
وأشار البوكيلي إلى أن نقل المأكولات عينًا قد يتسبب في معاناة إضافية للفقراء الذين قد يضطرون لبيعها بأسعار منخفضة، مما يقلل من فائدتها. وأضاف أن الاجتهاد يسعى إلى تسهيل أداء الفريضة وتجنب التعقيدات المرتبطة بالتنقل أو البحث عن المستحقين، مؤكدًا أن ذلك يتواءم مع روح العصر.
الاختلاف حول زكاة الفطر في المغرب: نقاش طبيعي وتعددية مقبولة
يبقى النقاش المتكرر حول طريقة إخراج زكاة الفطر في المغرب انعكاسًا للتنوع الفقهي والثقافي، وهو ما يعتبره البعض جزءًا من نعمة الاختلاف التي أباحها الإسلام. وفي ظل الخلافات، يشدد المجلس العلمي الأعلى على ضرورة احترام رغبات الأفراد، سواء فضلوا إخراج الزكاة عينية أو نقدًا، طالما تحقق الغاية الأساسية المتمثلة في إسعاد الفقراء وإغنائهم عن السؤال يوم العيد.
في النهاية، يعكس هذا الجدل الدائر واقعًا أعمق يتمثل في تفاعل الفكر الديني مع مقتضيات العصر واحتياجات المجتمع. ومع اعتماد المغرب على مبدأ التيسير، يُترك الخيار مفتوحًا أمام الأفراد لاتخاذ القرار الذي يرونه مناسبًا، وفق معايير الشرع ومقاصده السامية.