المسؤولية الطبية: خبراء يكشفون المزايا والعيوب بعد موافقة البرلمان

في خطوة تاريخية نحو تحسين جودة الخدمات الصحية، أقر مجلس النواب المصري قانون المسؤولية الطبية، الذي أُثير حوله العديد من الآراء المتباينة بين مؤيد ومعارض. يهدف القانون إلى تحقيق توازن بين حقوق الأطباء والمرضى، عبر وضع إطار قانوني عادل لتنظيم العلاقة بين الطرفين. ومع ذلك، يظل التساؤل مطروحًا حول مدى تأثيره على تحسين الرعاية الصحية وحماية حقوق المرضى وسط التحديات التي تواجه القطاع الطبي.

أبرز ملامح قانون المسؤولية الطبية

يتضمن قانون المسؤولية الطبية الجديد مجموعة من البنود التي تسعى إلى تطوير المنظومة الصحية وتحقيق العدالة بين الأطباء والمرضى. وقد تم تصميم هذه البنود لمعالجة قصور سابق في التعامل مع الأخطاء الطبية. ومن أهم ما جاء في القانون:

  • إلغاء عقوبة الحبس الاحتياطي في قضايا الأخطاء الطبية المهنية، واستبدالها بتطبيق غرامات مالية في الحالات التي يثبت فيها الخطأ الجسيم.
  • وضع تعريف دقيق وواضح للخطأ الطبي، يعتمد على التقييم الفني من لجان متخصصة، مما يحد من القرارات التعسفية.
  • إنشاء لجنة عليا للتحقيق في الأخطاء الطبية تكون مسؤولة عن تقديم تقييمات محايدة بناءً على معلومات دقيقة.

هذه البنود تهدف إلى تعزيز الشفافية والمصداقية في التعامل مع القضايا الطبية، لكنها أيضًا تثير تساؤلات حيال كفايتها لضمان حقوق المرضى بشكل متوازن.

آراء الخبراء حول قانون المسؤولية الطبية

أثار القانون الجديد ردود أفعال مختلفة من خبراء القانون والصحة. محمد الجرواني، المحامي بالنقض، أشاد بإلغاء عقوبة الحبس واستبدالها بغرامات مالية، معتبرًا أنه خطوة نحو تحقيق عدالة أكثر إنصافًا للأطباء دون التأثير على مسيرتهم المهنية. مع ذلك، أشار إلى أن بعض النقاط بحاجة إلى تعديل، خاصة تلك المتعلقة بزيادة أعداد خريجي كليات الطب من الجامعات الخاصة، والتي يرى أنها تؤثر على جودة المهارات الطبية لدى الأطباء الجدد.

من جانب آخر، عبّر بعض المرضى المتضررين من الأخطاء الطبية عن استيائهم من القانون، حيث اعتبروا أنه قد يُستخدم في بعض الحالات لحماية الإهمال الطبي. إحدى هذه الحالات هي قضية مواطن تعرض لإصابة بعجز دائم بسبب خطأ طبي أثناء علاجه، ما أدى إلى حفظ قضيته لعدم توافر الأدلة الكافية.

تأثير القانون على جودة الرعاية الصحية

يتوقع الخبراء أن يسهم القانون الجديد في تحسين بيئة العمل الطبي ودعم الأطباء على تقديم أفضل ما لديهم دون خوف من العقوبات المفرطة. الدكتور حمدي زهران، رئيس قسم الكُلى بمستشفى كوم حمادة، أكد أن القانون سيعزز ثقة الأطباء في ممارسة مهنتهم بحرية، ما سيدفع نحو رفع كفاءة الخدمات الصحية. ومع ذلك، يتطلب نجاح القانون تطبيقًا دقيقًا يضمن تحقيق العدالة لكل الأطراف المعنية.

في المجمل، يعتبر قانون المسؤولية الطبية نقطة تحول في قطاع الرعاية الصحية بمصر، لكنه يواجه تحديات كبيرة تتعلق بطريقة التطبيق ومدى فعالية تحقيق التوازن بين حقوق المرضى وحماية الأطباء. الأيام القادمة وحدها ستكشف عن مدى نجاح هذه الخطوة في تحسين المنظومة الصحية أو التسبب في تفاقم بعض المشكلات القائمة.