سسس”بدو مصر: بين التأثير السياسي والأدوار الاجتماعية”

ظل بدو مصر يعيشون لعقود طويلة في أطراف البلاد، بعيدين عن مركز الأحداث السياسية والاجتماعية. ومع ذلك، تشهد الفترة الأخيرة تحولاً ملحوظاً في دورهم داخل المشهد السياسي المصري، مما أثار اهتماماً واسعاً وقلقاً في الوقت ذاته. تمثلت أحدث التطورات في ردود فعل رئيس اتحاد القبائل العربية، إبراهيم العرجاني، على تصريحات رجل الأعمال حامد الشيتي، والتي اتهم فيها البدو بإعاقة التنمية السياحية. ونجحت جهود العرجاني في الحصول على اعتذار رسمي من الشيتي، مما يعكس تنامي تأثير البدو في الخطاب العام.

تاريخ الاستقرار

على مدار قرون، ظلت المناطق الحدودية والمحافظات الجنوبية وهامش المدن الكبرى نقاط ارتكاز لبدو مصر. تميزت حياتهم بالترحال الدائم وراء المراعي، مما أبعدهم عن حيز السلطات المركزية. وتعود جذور استقرار البدو بمصر إلى عصر القدماء المصريين، لكن تواجدهم زاد بشكل ملحوظ مع الفتح الإسلامي. تشتهر سيناء بقبائل مثل المساعيد والترابين، بينما ينتشر البدو في الصعيد والصحراء الغربية بقبائل أخرى مثل العبابدة وأولاد علي. ومع تطور وسائل التنقل وقلة المراعي، بدأ البدو في الانخراط بالحياة الحضرية دون التخلي عن تراثهم.

الاستعمال السياسي

شهد العقد الأخير تزايداً في الحضور السياسي للبدو، بدءاً من تأسيس مجلس اتحاد قبائل سيناء عام 2013، الذي أعلن دعمه للجيش في مواجهة الإرهاب. وفي مايو الماضي، أُعلن عن تأسيس اتحاد القبائل العربية برئاسة العرجاني، الذي أكد دور الكيان في حماية الأمن القومي. كما شهدت الفترة الأخيرة إطلاق حزب “الجبهة الوطنية”، الذي يضم أعضاء من اتحاد القبائل، مما يعكس محاولات لدمج البدو في العملية السياسية.

نعرات عرقية

برزت مخاوف من أن يؤدي الحضور السياسي المتزايد للبدو إلى إثارة نعرات عرقية في المجتمع المصري. ومع ذلك، يرى خبراء مثل مصطفى خضري أن البدو جزء أصيل من نسيج المجتمع، محذرين من محاولات فرزهم عن باقي المجتمع. على الجانب الآخر، يرفض خيري عمر هذه المخاوف، مؤكداً أن اتحاد القبائل يهدف إلى تقريب سكان الحدود من مركز الدولة وليس لإحداث انقسامات. يظل التنوع مصدر قوة لمصر، لكنه يحتاج إلى وعي شعبي لتعزيز الهوية الجامعة.