رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الثامن والأربعون
جلست زهرة في الريسبشن، كانت قد ضبطت الموبايل ليرن في موعد محدد، وعندما رن المنبه أمسكت زهرة الموبايل وتظاهرت أن شخصا ما يتصل بها.زهرة: آلو، أيوة يا عماد، صدقنى ما فضيتش خالص النهاردة، بكرة أفضى وأقضى طول اليوم معاك.
كان دكتور خالد يجلس بعيدا عنها، سمع صوتها الذي تعمدت أن يكون مرتفعا، في هذا الوقت كانت ندى تعبث بمحمولها في حجرتها، اتصلت بزهرة بدون قصد فرن تليفون زهرة، وهنا اكتشف خالد خدعتها، فكيف يرن المحمول وهي تتحدث فيه، ضحك خالد ضحك هيستيرى.د. خالد: كنت عارف يا زهرة إنك مستحيل تخونينى.زهرة: أنا كنت قفلت.
د. خالد: خلاص يا زهرة، أنا عرفت كل حاجة، أبوس إيدك تدينى فرصة أخيرة، لو أتكررت وبصيت حتى ناحية أى ست ابقى امشى وما ترجعيش تانى.زهرة: مع إن العقل بيقول إنى ما أكملش معاك، بس أنا هأسمع كلام قلبى وأديك فرصة لآخر مرة.د. خالد: أوعدك مش هتندمى.زهرة: أتمنى.د. خالد: مش هنحتفل بالمناسبة الحلوة دي؟
صمتت زهرة، فقال دكتور خالد: أنا عارف إنك شايلة منى قوى، بس أنا هأثبت لك فعلا إنى أتغيرت، وإن شاء الله بكرة نخرج سوا نروح للمحامى بتاعى أو اتصلى بصاحبتك المحامية عشان هأكتب لك كل أملاكى، والمحامى يتولى تسجيلها في الشهر العقاري.زهرة: أنت عارف إنى مش عايزة حاجة، مش عايزة غير إخلاصك.د. خالد: أوعدك يا حبيبتي عمري ما هأزعلك تانى.
حجرة نوم زهرةوقفت زهرة أمام المرآة تضع بعض المساحيق على وجهها، اقترب منها دكتور خالد من الخلف وهو يعرج بقدمه عرجة خفيفة، قبل رأسها وكتفها وقال: أنتى قمر من غير أى حاجة.اعتدلت زهرة واستدارت فأصبحت وجها لوجه له، فاحتضنها بشدة وحاول حملها، ضحكت زهرة بشدة وقالت: ما عملتهاش وأنت بصحتك جاى تعملها دلوقتى، بلاش شكلك هيبقى وحش قوى لو ما قدرتش.
حملها دكتور خالد وقال: ها، أيه رأيك؟ تحبى تروحي فين؟ مستعد أشيلك لأى مكان عايزاه، تحبى تروحى بيت عمك؟زهرة: نزلنى يا خالد، أحسن العلاج الطبيعي اللى بقالنا سنة نعمله يضيع.د. خالد: فداكى يا أحلى زهرة في الدنيا.زهرة: طب نزلنى وكفاية كدة.انزلها دكتور خالد واتجها معا نحو فراشهما.د. خالد: عايزك تتصلى بالجريدة تعملى أسبوعين اجازة عشان هنعمل شهر عسل جديد.
زهرة: أسبوعين؟ إيه الطمع ده كله؟ لو طولت أسبوع يبقى كويس.د. خالد: عايزك كمان تودى البنات عند نرمين، أنا عايز أبقى بحريتى في شقتى، ويا ريت تتصرفى فيهم، أنا محتاج هدوء.زهرة: ما أقدرش أتخلى عن البنات، أمهم مطمنة عليهم عشان معايا، ممكن أوديهم عند نرمين الأسبوع اللى هنقعده سوى، وبعدين أنت هترجع شغلك يا حبيبي.د. خالد: أنتى شايفة كدة؟
زهرة: أيوه، ما هو مش معقول أنا أبقى شغالة وأنت قاعد، وبعدين ده اختبار لقوة إرادتك يا حبيبي ناحية الستات.د. خالد: والله خلاص لو روحى واقفة على بصة بس في وش واحدة منهم ما هأبص لها.زهرة: أما أشوف.
انتهى الاسبوع وعاد دكتور خالد لعمله وزهرة لعملها، حرص دكتور خالد على الالتزام بوعده لزهرة، راقبته كثيرا ولم تجد ما يشينه، لكنها لم ترفع الرقابة عنه، تعلمت الدرس، لكن ما كان يضايقها أنه لا يطيق وجود ندى ونور، يتشاجر معهما على أتفه الأسباب، يتضايق من انشغال زهرة بأى أمر من أمورهما، حاولت كثيرا امتصاص غضبه تجاههما وتليين قلبه نحوهما.
مرت الأيام، لم يتغير شئ، دكتور خالد يحاول بكل الطرق إسعاد زهرة، قل تضايقه من ندى ونور وقل شجاره معهما، فطنت زهرة أنه فعل هذا إرضاءا لها.زهرة: معلش يا خالد، هانت، عدى سنتين، ويمكن سعاد تاخد إعفا بتلات أرباع المدة وتخرج تاخدهم.د. خالد: ولا يهمك يلا زهرة، أنا مستعد أستحمل أى حاجة عشانك.زهرة: ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك ابداً يا حبيبي.
د. خالد: ولا يحرمني منك يا حبيبتي، أنا كنت غبى قوى، معقولة كنت أعمى عن النعمة اللى معايا دى؟زهرة: خلاص يا خالد مش عايزين نجيب سيرة الماضى.أثناء تجول زهرة بهايبر شهير بجوار الجريدة رأتها، كانت تحمل طفلا صغيرا لا يتجاوز عمره شهور، أنها حبيبة، ظلت زهرة تتذكر أين رأتها، وقبل أن تتذكر أقبلت هي عليها وقالت: فاكرانى يا مدام زهرة؟
فى هذه اللحظة تذكرتها زهرة، وعلى الفور قالت: حبيبة، ألف مبروك، جوزك وافق إنكوا تخلفوا؟حبيبة بحزن: للأسف لأ، أنا أتطلقت وأتجوزت واحد تانى، ما بأحبهوش ومش قادرة أحبه، وأقل من أسامة في كل حاجة، بس أنا عندى البصة في عيون زياد ابنى بالدنيا.زهرة: ربنا يخليه لكى يا حبيبتى.حبيبة: عقبالك يا مدام زهرة، أنا عرفت سبب دموعك وليل نهار بأدعى لك.زهرة: تسلميلي يا حبيبتي.
حبيبة: مش هتسألينى عرفت منين إن مش عندك أطفال؟صمتت زهرة فأتبعت حبيبة، بعد ما خلفت زياد بشهرين نايمة لا بيا ولا عليا، ولا أنتى كنتى في بالى خالص، حلمت بيكى شايلة طفل جميل قوى، قربت منك أسلم عليكى قولتى لى ده جاى لى بعد عشر سنين.زهرة بفرحة: بجد؟حبيبة: آه والله، بعد الحلم ده سألت وعرفت إن لسة ربنا ما أرادش بس إن شاء الله ربنا يراضيكى.زهرة: يا رب يا حبيبة، مبسوطة إنى شوفتك، وزعلانة على أسامة.
حبيبة: هو مقتنع بأفكاره ومؤمن بيها، هو حر، هو في أى وقت لو غير أفكاره يقدر يخلف، لكن أنا ست وأمومتى لها عمر افتراضى وفرص محدودة، أبقى غبية لو ضيعت الفرص دى.زهرة: برافو عليكي إنك عرفتى تاخدى القرار في الوقت المناسب.