التبعية: كيف يؤثر قانون حجز التطور الاقتصادي الوطني على مستقبلنا؟

في ظل أزمات اقتصادية متشابكة، يواجه الأردن تحديات حادة نتيجة سياسات الخصخصة التي فُرضت عبر العقود الماضية، والتي أثرت على البنية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة بشكل مباشر. تراكم المديونية، ارتفاع الضرائب، وخصخصة قطاعات حيوية، مثل المياه، كلها عوامل أضعفت قدرة الدولة على تحقيق تنمية مستدامة ومعالجة مشكلات جوهرية مثل الفقر والبطالة. هذه التطورات تبرز الحاجة لفهم أعمق لتأثير التبعية الاقتصادية وأبعادها المختلفة.

كيف أثرت التبعية الاقتصادية على مسار الأردن؟

التبعية الاقتصادية ليست مجرد مفهوم أكاديمي، بل حقيقة معيشة تعكس طبيعة السياسات التي غالباً ما تخضع لتوجيهات جهات خارجية. على سبيل المثال، في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات، كانت سياسات الأردن الاقتصادية مرتبطة بالإملاءات الدولية، ومنها الخصخصة التي جاءت استجابة لشروط صندوق النقد الدولي.

الفترة بين 1988 و1989 شهدت أزمة مالية خانقة أدت إلى انخفاض قيمة الدينار بنسبة 40% وارتفاع الديون بشكل متسارع. وفقاً لتقارير اقتصادية، تراجع المستوى المعيشي للمواطن الأردني بمقدار النصف، ما يعكس مدى هشاشة السياسات الاقتصادية في التعامل مع هذه التحديات.

خصخصة قطاعات حيوية: عبء جديد على المواطن

خصخصة قطاع المياه تعتبر من أخطر الخطوات الاستراتيجية التي شهدتها المملكة، حيث تم تحويل المياه إلى سلعة خاضعة لقوانين السوق بدلاً من كونها مورداً إنمائياً. بحسب الخبراء، فإن نقل أعباء الخصخصة للمواطنين عبر الفواتير الشهرية يعكس اعتماد الحكومة على الجباية كبديل عن التنمية.

على الجانب الآخر، نجد أن القطاعات المنتجة، مثل الفوسفات والبوتاس، محكومة بتوزيع أرباحها بالكامل للمساهمين، بدلاً من إعادة استثمارها لتحقيق تنمية اقتصادية وطنية. شركات مثل الفوسفات حققت أرباحاً سنوية تجاوزت 400 مليون دينار، وهو رقم كبير يمكنه دعم إنتاجية الاقتصاد المحلي، لكن غياب سياسات إعادة التدوير الرأسمالي يقف عائقاً أمام تحقيق هذا الهدف.

تفتيت الأطر الجمعية واختفاء التنمية المستدامة

لم تقتصر التحديات على الجانب الاقتصادي فقط، بل امتدت لتشمل البنية الاجتماعية. تفكيك النقابات العمالية والمنظمات الشعبية أدى إلى إضعاف الوعي الجمعي بين الأردنيين، مما ساهم في زيادة معدلات الإحباط واليأس، وصعوبة تحقيق حراك مجتمعي مؤثر لمعالجة هذه التحديات.

  • إضعاف الحركات النقابية أدى إلى تهميش صوت العمال.
  • غياب قنوات الحوار المجتمعي ساهم في غياب الحلول التنموية المستدامة.
  • الاعتماد على سياسات الجباية بدلاً من التنمية زاد من تآكل الطبقة الوسطى.

الأردن اليوم يقف على مفترق طرق، حيث يتطلب الأمر إعادة هيكلة السياسات الاقتصادية والاجتماعية بما يضمن تحقيق الاستثمار الأمثل للموارد ودعم القطاعات الإنتاجية. البدائل موجودة، لكن يجب أن تترافق مع وعي جمعي يقود مسيرة التغيير نحو تنمية مستدامة تقلل من التبعية وتحقق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.