تشهد صلاة التهجد في الحرم المكي والمسجد النبوي اهتمامًا واسعًا من المسلمين في شتى أنحاء العالم، خاصة خلال العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. تُقام هذه الصلاة في أجواء عامرة بالسكينة والخشوع، حيث يتوافد الآلاف من المصلين لتأدية هذه النسك الإيماني العميق. تُعتبر صلاة التهجد تجربة روحانية فريدة تسطع بنور الإيمان وسط أجواء تعكس قدسية المكان وهيبته.
أهمية صلاة التهجد في الحرم وتأثيرها الروحاني
صلاة التهجد تمثل واحدة من أبرز العبادات النافلة التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحرص على إحيائها بكثرة. تُؤدى الصلاة في الثلث الأخير من الليل، وهو الوقت الذي يغمره السكون ويفتح الله فيه أبواب رحمته لعباده. في هذا السياق، يقول الله تعالى: “وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا” (الإسراء:79).
في الحرمين الشريفين، تحديدًا خلال شهر رمضان الكريم، تزداد الأجواء روحانية، حيث تُقام صلاة التهجد بعد صلاة التراويح. يتم الإعلان عن توقيت صلاة التهجد يوميًا عبر وسائل الإعلام التابعة للحرمين، مما يسهل للمصلين تنظيم عبادتهم بما يتناسب مع توقيت هذه الفرصة الروحانية الفريدة.
روحانية صلاة التهجد في الحرم المكي والمسجد النبوي
يعيش المصلون في الحرم المكي تجربة لا مثيل لها أثناء تأدية صلاة التهجد. يبعث صوت الأئمة العابر للقلوب من خلال التلاوات العذبة والخشوع الجماعي السكينة والطمأنينة في نفوس المصلين. الوقوف أمام الكعبة المشرفة، وسط شعور بالوحدة بين المسلمين من مختلف الجنسيات، يجعل كل لحظة في الصلاة تعبيرًا عن الإيمان الصادق والرهبة تجاه الله عز وجل.
أما في المسجد النبوي الشريف، فإن القرب من الروضة الشريفة والمسجد الذي يحتضن الأنوار المحمدية يزيد من جمال هذه التجربة الروحانية، حيث يبتهل المسلمون بين هذه الجدران الحافلة بذكريات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته النبوية.
أجواء صلاة التهجد في الحرم خلال العشر الأواخر
مع اقتراب العشر الأواخر من رمضان، يتضاعف الإقبال على الحرمين الشريفين لإحياء هذه الليالي المباركة التي تشمل ليلة القدر، والتي وصفها الله بأنها “خير من ألف شهر”. تكثف إدارة الحرمين جهودها لاستقبال الأعداد الهائلة من المصلين، حيث تُنظم صفوف الصلاة وتُخصص مساحات واسعة لاستيعاب الجميع. تُبث الصلوات مباشرة عبر القنوات الفضائية ومنصات الانترنت، مما يتيح للمسلمين في مختلف البلدان متابعة الأجواء الروحانية ونيل أجور متابعة القرآن والذكر.
لا تقتصر الأجواء على الجانب التنظيمي فقط، بل تمتد إلى الشعور الغامر بالخيرات، حيث يتسابق المسلمون في الدعاء والعبادة والقيام، متطلعين إلى مغفرة الله ورضوانه في أقدس بقاع الأرض.
تغمر أجواء الحرم مشاعر الإيمان العميقة أثناء صلاة التهجد، فهي ليست مجرد شعيرة دينية بل تجربة روحانية تعبر عن السمو الإنساني في أروع صوره، مما يجعلها وجهة تقصدها القلوب قبل الأقدام.