مع اقتراب شهر رمضان من خواتيمه، يقضي المسلمون أواخر أيامه ولياليه في عبادات متنوعة طلبًا لرحمة الله ومغفرته. تُعَد صلاة التهجد واحدة من أبرز الطاعات خلال العشر الأواخر من رمضان، إذ يجتهد المسلمون في هذه الليالي المباركة لنيل القرب من الله سبحانه وتعالى، والتماس أجر العبادات الدؤوب الذي يضاعف في هذا الوقت الفضيل.
فضل صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان
صلاة التهجد تحتل مكانة عظيمة في الإسلام، إذ وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها “أفضل الصلاة بعد الفريضة”، مما يظهر عظيم فضلها في تقوية الأواصر الروحية بين العبد وربه. يعتبر التهجد من أسباب مغفرة الذنوب ورفع الدرجات، فالحرص عليه في العشر الأواخر من رمضان هو بوابة لتحقيق رضا الله، إذ يتنزل سبحانه وتعالى في الثلث الأخير من الليل قائلاً: “من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”.
إضافة إلى ذلك، فإن المواظبة على التهجد تُكسب المسلم محبة الله ورضاه، كما وُرد عن الفضل العظيم لهذه العبادة التي يباهي الله بها عباده في الملأ الأعلى. وهي أيضًا صفة بارزة من صفات عباد الله المتقين، كما وصفهم الله بقوله: “كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ” [الذاريات: 17].
وقت وعدد ركعات صلاة التهجد
يمكن أداء صلاة التهجد بعد صلاة العشاء وقيام الليل (التراويح)، وتُفضل في الثلث الأخير من الليل حيث يعظم أجرها وتزداد بركتها. أما عن عدد الركعات، فلم يحددها الشرع بعدد معين، ولهذا يمكن أن تُصلى بأي عدد، مع الختم بركعة وتر. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي التهجد عادةً بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، حسب ما ورد في السنة النبوية الشريفة.
يجوز أداء التهجد فرديًا أو جماعة، خاصةً في العشر الأواخر من رمضان، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصليها بأصحابه أحيانًا، لكنه توقف لاحقًا خشية أن تُفرض على المسلمين.
أفضل الأدعية في صلاة التهجد
تعد صلاة التهجد فرصة ثمينة للدعاء، حيث تُقبل الأدعية وتُرفع الأعمال في هذا الوقت المبارك. يُستحب الإكثار من الدعاء في السجود، ومن بين الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”، إلى جانب الدعاء لما يتمنى المرء من خير الدنيا والآخرة.
في الختام، تظل صلاة التهجد في العشر الأواخر من رمضان كنزًا روحانيًا لمن يحرص على اغتنام هذه اللحظات المباركة بالإخلاص والتقرب إلى الله بالدعاء، والقرآن، وقيام الليل. فلنحرص على استثمار هذه الليالي العظيمة ونخصص وقتًا لإحياء قلوبنا بالطاعات.