فضل التهجد في العشر الأواخر من رمضان: أجمل الليالي وأعظم الدعوات

تُعتبر العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك محطة روحانية مميزة يتسابق فيها المسلمون للتعبّد والتقرب إلى الله. ومن أبرز العبادات التي يحافظ عليها المؤمنون في هذه الليالي صلاة التهجد، التي تجسد أسمى صور العبودية والتضرع بها. تُعد هذه الصلاة بابًا مفتوحًا للمغفرة والرحمات، خاصة في هذه العشر المباركة التي تحمل ليلة القدر العظيمة، ما يجعلها فرصة استثنائية لا تعوَّض.

فضل صلاة التهجد في العشر الأواخر

تبرز قيمة صلاة التهجد من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل”، لتؤكد مكانتها وأجرها العظيم. وقد ورد عن المداومين عليها أنهم ينالون محبة الله ورضوانه، حيث يباهي بهم الله ملائكته، وهو ما يُشعر العبد بالقرب من ربه.
إلى جانب فضلها الروحي، تُعد صلاة التهجد وسيلة لتكفير الذنوب ورفع الدرجات؛ فقد قال الله تعالى: “تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون” [السجدة:16]. كما أن هذه الصلاة تعكس صفة المؤمنين الصالحين، إذ قال تعالى: “كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ” [الذاريات:17]. بالتالي، فإنها تجمع بين أجر الدنيا والآخرة.

وقت صلاة التهجد وأفضل طريقة لأدائها

تبدأ صلاة التهجد بعد أداء صلاة العشاء، وتُفضل في الثلث الأخير من الليل، وهو وقت يتنزل فيه الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، كما ورد: “من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له”.
أما عن كيفية أدائها، فلم يُحدد الإسلام عددًا معينًا من الركعات، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة. ويُستحب أن تُصلَّى ركعتين ركعتين، ويُختتم بركعة وتر كما جاء في قوله: “إذا قام أحدكم من الليل، فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين”.

صلاة التهجد جماعة: أهمية خاصة في العشر الأواخر

يميل المسلمون في العشر الأواخر إلى أداء صلاة التهجد جماعة في المساجد، اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، والذي صلاها بأصحابه لعدة ليالٍ ثم توقف خشية أن تُفرض عليهم. إذ تُضفي الصلاة الجماعية أجواء إيمانية خاصة تعزز روح الوحدة في العبادة.
وللراغبين بالدعاء خلالها، فمن أفضل الأدعية حديث أبي بكر رضي الله عنه: "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني". يستحب أيضًا أن يُخصص العبد دعاءً شخصيًا يناسب همومه وآماله، وهكذا يجمع بين الدعاء لنفسه وللأمة.
ختامًا، فإن العشر الأواخر من رمضان تُشكل فرصة ثمينة للتوبة والتقرب إلى الله عبر صلاة التهجد. هي دعوة مفتوحة لكل مسلم لاغتنام هذه اللحظات المباركة بالدعاء والقيام، متأملًا الفوز برضوان الله وجنته.