الإسلام دين الرحمة الشاملة: دعوة مفتي الجمهورية لترك التنافس الدنيوي

في عصر تهيمن فيه النزعة المادية على العالم وتضيع فيه العديد من القيم الإنسانية، أكد مفتي الجمهورية، الدكتور نظير محمد عيَّاد، أن الإسلام يتميز بكونه دين الرحمة الشاملة التي تُعدّ ركيزة أساسية لعقيدته وتعاليمه. جاءت هذه التصريحات في لقاء جمعه بالإعلامي حمدي رزق ضمن برنامج “اسأل المفتي”، حيث سلط الضوء على عمق مفهوم الرحمة في الإسلام وشموليتها لكل عناصر الحياة.

الرحمة في الإسلام: قيمة أساسية وشاملة

أوضح مفتي الجمهورية أن الرحمة تُعد جزءًا لا يتجزأ من جوهر العقيدة الإسلامية، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم تضمن ذكر مشتقات كلمة “الرحمة” أكثر من 200 مرة، مما يبرز مكانتها المحورية. ومن شواهد ذلك قوله تعالى في سورة الفاتحة: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. كما استشهد المفتي بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الراحمون يرحمهم الرحمن”، مؤكدًا أن الرحمة ليست مجرد شعور عابر، بل هي خلق أصيل يمتد ليشمل كل المخلوقات.

وأشار المفتي إلى أن الإسلام جعل الرحمة نهجًا أساسيًا في حياة المسلمين، ليس فقط تجاه البشر، بل تجاه الحيوانات وسائر الكائنات أيضًا. واستدل بذلك على وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه عند الجهاد بعدم التعرض للنساء أو الأطفال، وعدم تخريب الموارد، مما يعكس رؤية الإسلام الحضارية للإنسانية وللبيئة من حولها.

تأثير غياب الرحمة على الواقع الإنساني

تناول الدكتور نظير عيَّاد تأثير غياب الرحمة على العالم اليوم، مشددًا على أن تراجع هذه القيمة كان سببًا في تفشي الحروب، المآسي، والظلم الاجتماعي. وأضاف أن هذا الفقدان يعود إلى انتشار التنافس الدنيوي والانشغال بالمصالح المادية على حساب القيم الأخلاقية. وبحسب المفتي، فإن العودة إلى القيم الدينية والتمسك بالطاعات والعبادات يعيدان ترقيق القلوب، مما يعيد الرحمة كمبدأ إنساني شامل.

وفي حديثه عن أهمية التربية النفسية السليمة، أكد أن الإسلام شجع على تعزيز العلاقات بالرحمة والتراحم، مع تركيز خاص على العناية بالفقراء والضعفاء، وتجنب القسوة، بمثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من لا يَرحَم لا يُرحَم”.

الرحمة في الإسلام تتجاوز الحدود الدينية

أشار المفتي إلى أن الرحمة في الإسلام ليست حكرًا على المسلمين وحسب، بل يشمل مداها جميع البشر، كما قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}. واستشهد بموقف النبي صلى الله عليه وسلم حين وقف احترامًا لجنازة يهودي وقوله: “أليست نفسًا؟”، في لفتة تؤكد أن الكرامة الإنسانية تُحترم بغض النظر عن الديانة.

وفي سياق حديثه عن الحيوانات، أكد المفتي أن تعامل الإسلام مع الكائنات الحية مثال آخر لعمق الرحمة الإسلامية، مشيرًا إلى الحديث الشريف عن الرجل الذي سقى كلبًا، فشكر الله عمله وغفر له. كما حذر من القسوة التي قد تؤدي بصلة رحم الله إلى الابتعاد، مستشهدًا بالحديث: “امرأة دخلت النار في هرة حبستها”.

الختام بالرسالة المحورية للإسلام، أكد الدكتور نظير محمد عيَّاد أن تمسك المسلمين بقيم الرحمة والتسامح هو سبيل تحقيق السلام والمحبة بين الناس، مما يتماشى مع التعاليم الإلهية التي تدعو إلى نشر الخير والرفق عبر مختلف أصقاع الأرض.