الدراسة في أميركا: ما تأثير قرار ترمب بتفكيك وزارة التعليم؟

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخميس أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى تفكيك وزارة التعليم الأميركية، في خطوة مثيرة للجدل تأتي ضمن أجندته الانتخابية لعام 2024. هذه الخطّة الطموحة التي يسعى من خلالها "إعادة السلطة التعليمية إلى الولايات"، أثارت ردود فعل متباينة بين التأييد والاعتراض، وسط انقسام سياسي حاد، بينما يعتمد تنفيذها النهائي على موافقة الكونغرس.

تاريخ وزارة التعليم الأميركية ودورها الفعلي

تأسست وزارة التعليم الأميركية لأول مرة في عام 1867 كهيئة صغيرة تُعنى بجمع الإحصاءات التعليمية، قبل أن يتم خفض تصنيفها إلى "مكتب التعليم" التابع لوزارة الصحة والتعليم بعد عام واحد. الشكل الحالي للوزارة ظهر في عام 1979 مع جهود فيدرالية لتعزيز حقوق الفئات المهمّشة كالأقليات العرقية وذوي الإعاقة. ومع ذلك، ظل المحافظون يسعون لإلغائها منذ عهد الرئيس الجمهوري رونالد ريجان الذي وصف في خطابه عام 1982 دور الوزارة بأنه يتعارض مع مبدأ إدارة التعليم على المستوى المحلي.
حاليًا، تلعب الوزارة دورًا محوريًا في تمويل التعليم العالي والبرامج التعليمية في المناطق ذات الاحتياجات الخاصة. وتوزّع الوزارة سنويًا مليارات الدولارات كمساعدات للمؤسسات التعليمية عبر برامج مثل Title I لدعم المدارس ذات الفقر المرتفع، وIDEA المخصص للطلاب من ذوي الإعاقة. وبحسب إحصائيات NBC News، تدعم هذه البرامج أكثر من 50 مليون طالب في نحو 100 ألف مدرسة عامة و32 ألف مدرسة خاصة.

أمر تنفيذي وترقب قانوني: كيف سيؤثر تفكيك الوزارة؟

في إطار أوامره الأخيرة، وجه الرئيس ترمب وزيرة التعليم ليندا ماكماهون إلى «اتخاذ كافة الخطوات لتسهيل تفكيك الوزارة وضمان استمرارية تقديم الخدمات والبرامج الأساسية». يأتي هذا التوجه متزامنًا مع خطط أخرى، لعل أبرزها نقل مسؤوليات القروض الطلابية إلى وزارتي الخزانة أو التجارة. ومع ذلك، يبدو أن التنفيذ الفعلي للخطة سيواجه مقاومة قانونية وسياسية.
تقدر الميزانية السنوية للوزارة بنحو 268 مليار دولار، ويعبّر مراقبون عن مخاوف من تداعيات تفكيكها على المناطق الريفية والولايات الفقيرة التي تعتمد بشكل كبير على الدعم الفيدرالي لتشغيل برامجها التعليمية، خاصة وأن حوالي 14% فقط من تمويل المدارس العامة يأتي من الحكومة الفيدرالية.

تفكيك وزارة التعليم: دعم جمهوري ومعارضة ديمقراطية

الخطوة التي اتخذها ترمب لقيت دعمًا كبيرًا في صفوف الجمهوريين المحافظين، إذ يعتبرونها خطوة لتقليص دور الحكومة الفيدرالية. على الجانب الآخر، أثار الديمقراطيون اعتراضات قوية، واعتبروا التحرك بمثابة "هجوم آيديولوجي" سيؤدي إلى تقويض التعليم العام والإضرار بحقوق الطلاب، لا سيما في المدارس ذات الفقر المرتفع وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأشار استطلاع للرأي أجرته صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن 60% من الأميركيين يعارضون إغلاق الوزارة، ما يعكس الانقسام الواضح حول المسألة. كما قدّم الديمقراطيون تعهدًا بمواجهة القرار عبر الكونغرس والمحاكم. وأكد الخبراء أن نقل صلاحيات الوزارة إلى وكالات أخرى سيتطلب تعديلات قانونية قد تجعل تنفيذ خطة ترمب معقدًا وطويل الأمد.
وسط هذا المشهد السياسي الملتهب، يُتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة سلسلة صراعات للتوفيق بين توجه المحافظين المتشددين الرافضين للدور الفيدرالي في التعليم، ورؤية الديمقراطيين لوزارة التعليم كأداة لضمان المساواة في فرص الوصول إلى خدمات تعليمية عالية الجودة عبر البلاد.