إغلاق وزارة التعليم الأمريكية بقرار رئاسي: دوافع ترامب والعراقيل أمام التنفيذ

في خطوة أثارت تفاعلات سياسية واسعة، أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بإغلاق وزارة التعليم الفيدرالية، مما يمثّل ضربة كبيرة للنظام التعليمي الأمريكي التقليدي. هذا القرار يأتي في إطار توجهاته الهادفة إلى تقليص دور الحكومة الفيدرالية ونقل المسؤوليات إلى حكومات الولايات والمجالس المحلية، في خطوة قد تعيد تشكيل مشهد التعليم في الولايات المتحدة وتفتح الباب أمام جدل سياسي واجتماعي طويل الأمد.

ترامب وإغلاق وزارة التعليم: خطوة جريئة وسط معارضة واسعة

بينما يشير أمر ترامب التنفيذي إلى إلغاء الوزارة، إلا أن هذا الهدف يواجه تحديات قانونية وتشريعية كبيرة. إغلاق وزارة التعليم يتطلب موافقة الكونغرس، حيث يحتاج التصويت لصالح القرار إلى أغلبية تبلغ 60 صوتًا في مجلس الشيوخ، وهو أمر بعيد المنال حتى مع سيطرة الجمهوريين على الغرفتين أثناء حقبته.
مع ذلك، يمكن لترامب تنفيذ استراتيجيته عبر تقليص دور الوزارة تدريجيًا من خلال تخفيض تمويلها، تسريح الموظفين، وتجنب توجيه الدعم الحكومي للبرامج التعليمية الأساسية. إذا تم تنفيذ هذه السياسة، سيجد النظام التعليمي نفسه في مواجهة اختلالات جوهرية، حيث تصبح المدارس العامة في الولايات الفقيرة أكثر عرضة للمعاناة بفعل نقص الموارد، بينما قد تتمكن الولايات الغنية من سد العجز باستخدام مخصصات محلية.

المدارس العامة على المحك: تأثيرات إلغاء وزارة التعليم

إغلاق أو إضعاف وزارة التعليم من شأنه التأثير سلبًا على المدارس العامة التي تعتمد بشدة على التمويل الفيدرالي. هذا التمويل يدعم برامج حيوية مثل التعليم الخاص، التغذية المدرسية، وتطوير البنية التحتية.
ب غياب تلك الموارد، قد تضطر المدارس العامة إلى تقليص خدماتها، ما سينعكس سلبًا على الطلاب في المناطق الفقيرة بشكل خاص. وبحسب تقارير سابقة، فإن حوالي 13% من ميزانية التعليم الأمريكي تموَّل من خلال البرامج الفيدرالية، وهي نسبة مهمة لدعم ولايات تواجه أزمات تمويلية.
من جهة أخرى، سيعمّق هذا القرار الانقسام الطبقي في النظام التعليمي، إذ ستتمكن الولايات الغنية من تمويل مدارسها الخاصة والعامة عبر كيانها المحلي، ما يمنح أطفالها فرص تعليم أفضل. في المقابل، ستُترك المدارس العامة في الولايات الأكثر فقرًا في وضعٍ صعب، مفتقرة إلى الحد الأدنى من التمويل اللازم.

برامج القسائم التعليمية: وسيلة للإصلاح أم سبب للفجوة التعليمية؟

مع محاولات تقليص دور الحكومة الفيدرالية في التعليم، تتطلع الإدارة المحافظة إلى تعزيز برامج القسائم التعليمية التي تتيح للعائلات استخدام الدعم الحكومي لاختيار مدارس خاصة لأطفالهم. تُطبق هذه البرامج في عدة ولايات، لكن تأثيرها يثير انقسامًا.
يعتبر المحافظون أن القسائم التعليمية تتيح للعائلات فرصة الوصول إلى خيارات تعليمية بديلة، بينما يرى النقاد أنها تضرب المدارس العامة في الصميم، حيث تُحرَم من التمويل الحكومي الموجه إلى تلك القسائم. اللافت أن المدارس الخاصة المستفيدة من القسائم لا تلتزم بمعايير المحاسبة أو الجودة المطبقة على المدارس العامة، ما يعزز مخاوف الاختلال التعليمي.
وقد أظهرت دراسات حديثة أن هذه البرامج تؤدي إلى تشجيع المدارس الخاصة على استقطاب الطلاب الأكثر قدرة على دفع رسوم إضافية، بينما تُترك الأسر ذات الدخل المحدود دون خيارات تُذكر. بالتالي، يزداد التفاوت بين من يستطيع الاستفادة من النظام التعليمي المرن ومن يضطر للبقاء في مؤسسات متعثرة.
تظل سياسات ترامب المتعلقة بإغلاق وزارة التعليم الفيدرالية ملفًا شائكًا يحمل تبعات تمتد لسنوات. ففي حال نجاحه الكلي أو الجزئي، سيرسّخ تغييرات واسعة في شكل وآلية التعليم الأمريكي، لكن تلك التغييرات قد تأتي بتكلفة اجتماعية وتعليمية عالية. وعلى الرغم من صعوبة تنفيذ القرار بصيغته الحالية، فإن مجرد وجود هذا التوجه يعيد فتح النقاش حول مستقبل التعليم في واحدة من أكبر دول العالم.