عيد الأم، الذي يحتفي به العالم العربي يوم 21 مارس من كل عام، ليس مجرد مناسبة اجتماعية، بل هو يوم لتقدير الدور المحوري للأم في بناء الأجيال وصناعة القيم. يتزامن هذا التاريخ مع بداية فصل الربيع، ليكون رمزًا للتجدد والعطاء، حيث تُكرّم الأمهات عن دورهن الفريد في التربية، والتضحية، وصنع المجتمعات المستقرة. المبادرة بدأت بمقترح من الصحفي مصطفى أمين عام 1956 في مصر، وسرعان ما انتشرت كنموذج للتعبير عن الامتنان لنبع العطاء الأول في حياة كل فرد.
عيد الأم: دوره في تقدير الأم كصانعة للأجيال
تلعب الأم دورًا محوريًا في تربية أبنائها، فهي المدرسة الأولى التي يتعلم منها الطفل قيمًا عديدة مثل الصدق، الأمانة، والعطاء. وقد ورد عن الله قوله تعالى: "وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا"، في إشارة إلى المسؤولية العظيمة التي تتحملها الأمهات منذ الحمل وحتى التربية. الأمهات يشكلن الأساس في بناء شخصيات الأبناء وغرس القيم الأخلاقية والدينية في نفوسهم، ما يُعدّ رافدًا جوهريًا لاستقرار المجتمعات.
علاوة على ذلك، دور الأم لا يقتصر فقط على التربية، بل يمتد ليشمل أن تكون قدوة في الصبر، والتعامل الحسن مع الآخرين، وتجاوز التحديات. وقد أكد النبي محمد ﷺ ذلك بقوله: "استوصوا بالنساء خيرا" (رواه البخاري ومسلم)، ما يعزز أهمية تقدير دورها في الحياة الأسرية والمجتمعية.
الأم ركيزة الأسرة وداعمة استقرارها
في أي أسرة، تحتل الأم دورًا مركزيًا كونها العمود الفقري الذي يضمن الاستقرار النفسي والاجتماعي. الأم تجيد الموازنة بين العمل ومسؤوليات المنزل، فتمنح الأبناء الدعم العاطفي الذي يحتاجونه، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم ويؤثر إيجابيًا على سلوكهم.
إضافة إلى ذلك، تلعب الأم دورًا أساسيًا خلال الأزمات، فتُوصف بالقوة وتحمل المسؤولية من أجل دعم أفراد أسرتها. وكما ورد في قوله تعالى: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا"، فإن الأمهات يشكلن موجهات القيم الدينية وأساسيات الحياة الأسرية لأبنائهن.
ضمن عيد الأم: دور الأمهات المُلهِمات
تاريخيًا، نجد نماذج عديدة لأمهات شكلن مصدر إلهام بأدوارهن المميزة. على سبيل المثال، السيدة فاطمة الزهراء، ابنة النبي محمد ﷺ، تعد نموذجًا للأم الصالحة. فقد ساهمت بتربية ابنيها الحسن والحسين (سيدي شباب أهل الجنة)، وساهمت في غرس القيم الإسلامية والمعاني النبيلة في نفوسهما.
السيدة فاطمة الزهراء لم تكن فقط أمًا، بل كانت سندًا لزوجها الإمام علي رضي الله عنه في مواجهة تحديات الحياة. كما عُرفت بزهدها وعطائها، إلى درجة وصفها النبي ﷺ بقوله: "فاطمة سيدة نساء أهل الجنة" (رواه البخاري).
ختامًا، عيد الأم ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو فرصة للإقرار بفضل الأمهات، ولتقديم الحب والدعم الذي يعكس مكانتهن في بناء الأجيال. وعلى نهج الشاعر أحمد شوقي: "الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق". لذا، على كل فرد أن يجعل من هذا اليوم نقطة انطلاق لتقدير دائم ومستمر للأمهات، تقديرًا لعطائهن الذي لا ينضب في كل مراحل الحياة.