ليلة القدر، تلك الليلة المباركة التي ينتظرها المسلمون بشغف في العشر الأواخر من شهر رمضان، تُعد إحدى أقدس الليالي في الإسلام. تحتل ليلة القدر مكانة رفيعة في العقيدة الإسلامية، إذ نزل فيها القرآن الكريم، وتتميز بأنها خير من ألف شهر، ما يجعل العبادة فيها أجرًا عظيمًا يمتد لعشرات السنين. بالنسبة للمسلمين، تُعتبر هذه الليلة فرصة لا تُعوض لنيل المغفرة والرحمة، والاجتهاد فيها عبادة تقربهم من الله وتمحو ذنوبهم.
تفاصيل ليلة القدر ومتى تكون؟
ليلة القدر هي الليلة التي اختارها الله عز وجل لإنزال القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وجعلها خيرًا من ألف شهر. تقع هذه الليلة في أحد الليالي الفردية من العشر الأواخر من رمضان (ليالي 21، 23، 25، 27، أو 29). ورغم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُحدد ليلة القدر بدقة، إلا أنه حث المسلمين على تحريها والاجتهاد في العبادة فيها.
كما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه). يعني ذلك أن العبادة في هذه الليلة ليست فقط فرصة لقبول الدعاء، بل هي باب واسع لنيل المغفرة وتطهير النفس.
لماذا تُعد ليلة القدر فرصة عظيمة؟
العبادة في ليلة القدر تتميز بأجر مضاعف، حيث قال الله تعالى: “لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ”، ما يعادل عبادة أكثر من 83 عامًا. كما يُقدر المؤمنون هذه الليلة كشهادة على عظم شأن القرآن الكريم وفضل النبي محمد. والملائكة تتنزل خلالها إلى الأرض محملة بالرحمات، حيث قال الله: “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ”.
إلى جانب ذلك، يُكتب فيها قدر الإنسان للعام المقبل؛ لذا فهي لحظة مناسبة للإكثار من الدعاء والخشوع. ومن أفضل الأدعية التي يُوصى بها: “اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعفُ عني”.
كيف تُحيى ليلة القدر لتعظيم فضلها؟
تحظى ليلة القدر بإقبال جماهيري واسع من المسلمين الذين يسعون إلى استغلال ساعاتها في مختلف العبادات والطاعات. يتضمن برنامج إحيائها ما يلي:
- الصلاة وقيام الليل: أداء صلاة التراويح وقيام الليل بتركيز كامل وتدبر.
- قراءة القرآن: استثمار الوقت في تلاوة القرآن والتأمل في معانيه.
- الدعاء والاستغفار: التوجه إلى الله بالدعاء المستمر، مع الاستغفار وطلب التوبة.
- الصدقات: إخراج الصدقات للفقراء والمحتاجين تكافلًا ومساعدة.
الشعور بالسكينة والطمأنينة يميز ليلة القدر، حيث قال الله: “سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ”. لذا، فإن المسلم يحرص على انتهاز لحظاتها بالتضرع والرجاء إلى الله طلبًا لرضاه.
تُمثل ليلة القدر فرصة للتوبة الصادقة، وإصلاح النفس، وتحقيق القرب الروحي من الله. إنها ليلة استثنائية تجمع بين الأجر العظيم والفضائل الجليلة، وتكتسب أهمية اجتماعية، حيث يتجمع المسلمون في روح من الإخاء والاحتفاء بهذا الحدث المقدس. فاغتنموا هذه الليلة بالاجتهاد في الطاعات وتقديم الخير للمجتمع.