سوريا والجغرافيا السياسية: كشف خفايا مملكة داوود المزعومة

في ظروف جيوسياسية معقدة، تبرز سوريا كنقطة محورية في المخططات الإسرائيلية لإعادة تشكيل المنطقة ضمن ما يُعرف بمشروع “مملكة داوود المزعومة” أو “الشرق الأوسط الجديد”. هذا المشروع يهدف لإعادة رسم المنطقة جغرافيًا وسياسيًا ليحقق الهيمنة الإسرائيلية بناءً على أبعاد دينية وسياسية تمتد من العراق عبر الشام وصولًا إلى فلسطين ومصر، مستندًا إلى تصورات دينية قديمة.

سوريا والجغرافيا السياسية لمملكة داوود: تاريخ متكرر

لطالما كانت سوريا بموقعها الجغرافي ميدانًا للتنافس والتحالف عبر التاريخ. مرورًا بمسار سيدنا إبراهيم، الذي امتد من الفرات وحتى النيل، كان هذا الميدان التجاري والديني محورًا استراتيجيًا يربط بين الخليج والبحر المتوسط. مشروع “مملكة داوود المزعومة” اليوم يشمل السيطرة على المياه والثروات السورية، مثل نهر الفرات، وكذلك الطرق والممرات الملاحية بشبكات متعددة.

تجدر الإشارة إلى أن تاريخ الكيان الموصوف بمملكة داوود وسليمان لم يكن قائمًا على استقلال ذاتي بل على تحالفات دول جوار، أبرزها مصر. كما أن سوريا اليوم جزء من هذا المخطط الأخطر، الذي يحاول إعادة تقسيم المنطقة مستهدفًا تفكيك البنية السياسية والاجتماعية لدول مثل مصر وسوريا، عبر حروب بالوكالة وتنظيمات إرهابية مثل داعش.

الحرب على غزة ضمن محاور مشروع مملكة داوود

قد تبدو الحرب على غزة قضية فلسطينية محلية، لكنها في الحقيقة عنصر أساسي في هذا المشروع الكبير. تهجير سكان غزة بشكل ممنهج يهدف لتحويلها إلى مركز لوجستي يربط إسرائيل بأوروبا، مما يعزز النفوذ الإسرائيلي الجيوسياسي والتجاري.

من الجانب الديموغرافي، تأتي السياسة الإسرائيلية لتغيير الطابع الثقافي والديني للمنطقة عبر التخلص من المكوّنات الإسلامية والمسيحية انطلاقًا من فلسطين إلى دول الجوار. تطمح إسرائيل إلى تحقيق هيمنة تُترجم دينيًا عبر إعادة بناء “هيكل سليمان”، الذي يستلزم بالضرورة تهويد القدس وفرض واقع جديد يجعل المسجد الأقصى في مرمى المخططات التطهيرية.

تنافس المشاريع الكبرى: بين المخطط الصهيوني وطريق الحرير الصيني

مشروع مملكة داوود يصطدم مباشرة بمشروع طريق الحرير الصيني، الذي يهدف لربط الشرق بالغرب بتكامل اقتصادي عبر دول مثل سوريا والعراق ومصر. الصين تعتمد على الاستقرار لدفع عجلة التجارة عبر هذه الطرق البرية والبحرية، بينما تخطط إسرائيل لإثارة الصراعات وتحقيق الهيمنة عبر تقسيم المنطقة.

وتأتي مصر في صلب هذا التنافس، إذ أن قناة السويس تمثل الممر البحري الأكثر حيوية بين الشرق والغرب. لكن الفرق الكبير يكمن في أن المشروع الصيني يعتمد على استقرار مصر، بينما تعمل المخططات الإسرائيلية على تقويض استقرارها سياسيًا واقتصاديًا. بقاء دولة مصرية قوية، بجيش قادر على التصدي لأي تهديد، يشكل العقبة الأكبر أمام المشروع الإسرائيلي.

في نهاية المطاف، الأوضاع في المنطقة مرهونة بميزان القوى بين المشاريع المتضاربة. مع استمرار الصراع، يبقى دور الدول كالعراق وسوريا ومصر أساسيًا في تشكيل مستقبل الشرق الأوسط، ما بين مخططات التفكيك ومساعي الاستقرار والتنمية الشاملة.