حافلات الهيدروجين في أوروبا: بديل مستدام يواجه تحديات وانهيار سريع

لعقود طويلة، مثّلت حافلات الهيدروجين أملاً واعداً لنقل العالم نحو خفض الانبعاثات والتنقل النظيف. لكن موجة التسرع في اعتماد هذا البديل أظهرت تحديات جادة أمام تحقيق هذا الحلم، منها مشكلات تقنية وصعوبات اقتصادية وصدمات لسلاسل التوريد. هذه الأزمات أعادت النظر في مدى جاهزية الهيدروجين كمصدر موثوق للطاقة مقارنةً بالوقود التقليدي.

البديل المهتز: إخفاق حافلات الهيدروجين

كانت أوروبا من أبرز المراهنين على حافلات الهيدروجين، لكن الواقع جاء مخيبًا للتوقعات. في بولندا، على سبيل المثال، توقّفت حافلات الهيدروجين بشكل مفاجئ بعد تزويدها بوقود غير نقي، ما أدى إلى تعطل 23 حافلة من أصل 25. تطلب “تنظيف” الحافلات صيانة مكلفة، ما أثار مخاوف جدية بشأن موثوقية استخدام الهيدروجين في النقل العام.

أما في ليفربول، اضطرت المدينة لوقف تشغيل حافلات الهيدروجين بعد أشهر قليلة من إطلاقها، وسط شحّ في خلايا الوقود ونقص بالإمدادات. هذا التحدي أجبرها على تغيير خططها لصالح شراء حافلات كهربائية، رغم كل التعهدات الحكومية السابقة.

ضربة لحلم حافلات الهيدروجين عالميًا

الحلم البلجيكي باستخدام حافلات الهيدروجين انهار أيضًا، إذ أعلنت مدينة أنتويرب سحب هذا النوع من الحافلات بعد 10 سنوات من الخدمة، في ظل ارتفاع تكلفة الهيدروجين وصعوبة الوصول إليه. بل أكثر من ذلك، أغلقت محطات التزود بالهيدروجين في المدينة، وأعلنت الشركة المصنعة للحافلات إفلاسها، نتيجة غياب الدعم الحكومي.

هذه الأحداث تسلط الضوء على ضعف البنية التحتية لهذا النوع من النقل وعدم التوازن بين الطموحات المناخية والواقع الاقتصادي. فبينما تدعم بعض الدول التحول نحو الهيدروجين، تشير التجارب إلى تردد الحكومات في توفير الدعم المالي المستدام لهذا القطاع.

الهيدروجين أم الوقود الأحفوري؟

رغم تصنيفه كوقودٍ نظيف، يواجه الهيدروجين تحديات كبرى، مثل تسربه الخطير وارتفاع تكاليف الإنتاج والتوريد. مقابل ذلك، يظهر الوقود الأحفوري كبديلٍ منطقي وأكثر موثوقية، خاصة مع التقدم في تقنيات تقليل الانبعاثات، كمشاريع احتجاز الكربون.

مع استمرار أستراليا، اليابان وألمانيا في الاستثمار بحافلات الهيدروجين، تبقى الأرقام مخيبة. إذ سجلت أستراليا بيع 6 مركبات هيدروجينية فقط عام 2023، مُظهرة حاجة العالم لمزيد من الابتكار لتحقيق النقل النظيف على نطاق واسع.