رمضان تحت الحصار: معاناة الصيام وخوف على العبادة في غزة

تعيش عائلات قطاع غزة أوضاعًا مأساوية خلال شهر رمضان هذا العام، وسط استمرار الحرب الإسرائيلية ونقص المواد الغذائية الناجم عن الحصار ونزوح أكثر من 1.7 مليون شخص. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن شمال القطاع يقترب من المجاعة، بينما يعاني الجنوب من انعدام المأوى والغذاء الكافي. الأمر الذي يجعل من الاستعدادات التقليدية للشهر الفضيل أمرًا مستحيلًا للكثيرين، خاصة مع تزايد أعداد الضحايا التي وصلت إلى أكثر من 31 ألف شخص.

### “المقلوبة الكذابة”: رمضان على الأنقاض

تحكي منى، إحدى النازحات في رفح، عن تحضيراتها البسيطة لرمضان، حيث تعيش مع عائلتها في خيمة بدون أي مأوى مناسب. وفي اليوم الأول للشهر، حاول أخوها البحث عن لحوم أو دجاج لإعداد وجبة خاصة، لكنه عاد خالي اليدين. فاضطرت العائلة إلى إعداد ما أسمته “المقلوبة الكذابة”، وهي عبارة عن أرز فقط. هذه الوجبة التي كانت استثنائية في اليوم الأول، سرعان ما تحولت إلى وجبات معتمدة على التونة المعلبة والمعكرونة في الأيام التالية. وتصف منى حياة النازحين في رفح، حيث يضطرون لاقتسام المساحات الضيقة مع عائلات أخرى، ما يزيد من صعوبة توفير الطعام والاستقرار.

### نتمنى الوصول للجامع: الصلاة تحت القصف

أدت الحرب إلى تدمير العشرات من المساجد في غزة، مما أجبر الأهالي على الصلاة في منازلهم خوفًا من استهداف المساجد بالقتال. وتقول منى إن بعض الأئمة ما زالوا يرفعون الأذان عبر مكبرات الصوت، رغم الخطر الذي يتعرضون له. وفقًا لتقارير حكومية، تم تدمير 223 مسجدًا بالكامل، بالإضافة إلى تدمير جزئي لـ289 مسجدًا آخر. هذا الوضع يُصعّب على السكان أداء العبادات الروتينية، خاصة مع استمرار القصف الجوي الذي يشتد أحيانًا في أوقات السحور والإفطار.

### وجبة واحدة في رمضان: إما الإفطار أو السحور

يعاني سعيد، وهو نازح آخر، من نقص حاد في الغذاء، حيث يقتصر تناوله على وجبة واحدة يوميًا، إما الإفطار أو السحور. بعد أن أصيب أثناء محاولته الحصول على كيس طحين في “مجزرة الطحين”، تمكن سعيد من تأمين بعض الغذاء لعائلته. تقوم والدته بإعداد 15 رغيفًا يوميًا لـ15 فردًا في المنزل، وهو ما يدفعهم لتأجيل وجبة السحور أو إلغائها. في الأيام الأولى، اعتمدت العائلة على نبات الخبيزة، ثم اضطرت لشراء الباذنجان بأسعار باهظة. ويعيش سعيد وعائلته في ظروف صعبة، حيث يسكنون في منزل مدمر بدون كهرباء، معتمدين على ضوء الهاتف المحمول للإفطار.

رمضان هذا العام في غزة يختلف كثيرًا عن الأعوام السابقة، حيث تحولت الشوارع المزينة بالأضواء إلى ساحات حرب، واختفت تجمعات العائلات والصلوات الجماعية. يستذكر سعيد رمضان العام الماضي، حين كانت الشوارع مليئة بالفرح والأنشطة، ويشير إلى أنه فقد حتى أبسط مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل. رغم كل ذلك، يحاول الأهالي الحفاظ على روح رمضان، رغم الظروف القاسية التي يعيشونها.