رواية وريث آل نصران الجزء الثالث للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل الرابع والسبعون
حتى أبعد أمانينا ربما تتحقق، هذا ما شغل عقل شاكر وهو يتذكر اللقاء مع بيريهان، رغم كل شيء يخفق قلبه لها، وأصبح لا يدري هل مازالت تكن له الحب حقًا أم لا، مر أمام عينيه الآن اللحظة التي اقتربت منه فيها، قبلتها، وهمسها بأنها تشتاقه، كانت جميلة، مشرقة، هو الذي ظن أنه سيلتقي بنسخة باهتة منها وجدها أمامه كتلة من الحيوية وتسأل باشتياق:كل ده متسألش عليا؟
حاول التحدث، لم تسعفه الكلمات، نظر إليها وجاهد حتى ينطق:بيري أنا…قاطعته ورأى في نظراتها العتاب، وهي تلومه:أنا مكنتش أتوقع إنك تعمل كده فيا، أنا هونت عليك أوي كده يا شاكر.وأسرع يحاول تبرير ذنبه، يقسم لها وكله إصرار أن تغفر ما حدث:.
بيري أنا مكنتش فايق، أنا لحد دلوقتي مش عارف أنا عملت كده ازاي، أنتِ عارفة أنا بحبك ازاي، والله العظيم مكنتش أقصد ده يحصل، أنا عارف إني مهما قولت ميبررش اللي عملته، أوعدك هبطل شرب، هبطل أي حاجة ممكن توصلني للحالة اللي أذيتك فيهاوقبض على كفيها وهو يرجوها بعينين رأت فيهما تمسكه بها:بس متسيبينيش يا بيري.
العبرات تتحدث عن نفسها، داهمت مقلتيها وهي تنظر له، وتستمع إليه، ندمه هو الدواء الأنسب لجرحها منه، هذا ما ظنه هو، أما هي فقالت:هبقى بكدب عليك لو قولتلك إني هقدر أنسى اللي حصل، أنا المفروض دلوقتي أبقى بكرهك جدا، بس أنا مع الأسف مش قادرة أكرهك، وبالذات بعد ما عرفت.عرفتي إيه؟
سألها بقلب وجل، شعر بما تنتوي قوله، هذا أخر ما يريده الآن، تمنى لو كان أخطأ الظن وتخبره بأي شيء أخر ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، تناولت كفه وضعته حيث يستقر جنينها وأخبرته بابتسامة لا تمت بصلة للألم في نبرتها وعينيها:أنا حامل.ربما تكذب، تلعب معه بنفس طريقته، أي شيء سيكون أفضل من أن تكون تحمل في أحشائها طفلهما حقًا، وصرح هو بهذا، وهو يضحك باستهزاء:أنتِ بتحاولي تلاعبيني يا بيري؟
بتضحكي عليا وأنتِ ومعالي الوزير مدبرينلي كمينابتسمت، وأغمضت عينيها وهي تتنهد بهدوء قبل أن تقول:لو عندك الجرأة تيجي معايا لحد أي دكتورة نسا هتقدر تتأكد بنفسك، وبالمناسبة البيبي ده ممكن يبقى أخر فرصة ليا إني أخلف، يعني حتى لو أنا مش عايزاه منك مضطرة أقبله، مضطرة أفضل مربوطة بيك لأخر عمري.لمساته الحانية على وجهها، لا تصدق أنه نفسه الذي أذاقها الويلات في ليلة سابقة، والآن يقسم لها:.
بيري ربنا عايز كده، أنا بحبك، كل حاجة بتخلينا نفضل مع بعض، أنتِ كمان بتحبيني، أنا هنسيكي كل حاجة، أوعدك أي حاجة جرحتك هتنسيها، تعالي نبدأ حياة جديدة، حياة بعيد عن هنا خالص، اختاريني وأوعدك إنها أخر مرة هطلب منك تختاريني فيها.توقف لثوان يحاول أن يقرأ في نظراتها أي شيء، قبل أن يتابع والرجاء يرافقه:أنا هسافر يا بيري، هسيب كل حاجة وامشي، أنا عايزك معايا، هتتخلي عني؟
كان بارعًا كما عهدته بيريهان دائمًا، من يراه الآن يقسم أنه ملاك استضافته الأرض بالخطأ، انتظر ردها على أحر من الجمر، لا يراها إلا جزء أساسي من حياته التي يخطط لها.أنا محتاجة وقت أفكر.جملة مختصرة أنعمت عليه بها بعد صمتها الذي طال، ولكنها لم ترضه أبدًا بل علق عليها معترضًا:أنا مفيش قدامي وقت كتير يا بيري، مش هعرف استنى.والإصرار في عينيها لم يصدقه، حتى نبرتها وهي تؤكد بابتسامة:هتعرف، علشاني هتعرف.
ثم طالعت هاتفها وهي تخبره:أنا لازم امشي دلوقتي، لو احتاجتك أوصلك ازاي؟ولم تنل جواب، توقعت هذا وقال هو:أنا هعرف أوصلك.
في نفس التوقيت كان القلق يأكل ندى على ابنة عمها، هي على يقين من أن أفعالها المتهورة هذه ستجعل العواقب وخيمة، دفعها الخطر لمهاتفة باسم بمجرد ما غادرتها بيريهان وتركتها هنا في سيارتها تنتظرها، لم يتأخر باسم عليها كان لحسن الحظ قريب منها، وصل إلى هذا حيث تقف سيارتها، كان المكان شبه خالي من المارة، توجه ناحيتها وانتبهت فنزلت من سيارتها له تتلقى سؤاله وهي ترى الانزعاج في عينيه:أنتِ واقفه هنا كده ليه؟
وفين بنت عمك اللي قولتيلي تعالى بسرعة علشانها.لم تكن تدري ماذا تقول له، استشعر توترها، حديثها المتلعثم مما دفعه ليقول بانفعال:خلصي وقولي أنتِ هنا ليهوقبل أن ترد لمحت بيريهان، تتوجه ناحياهتهما وفي نظراتها الضيق من ابنة عمها، وصلت لهما وسأل باسم:كنتي فين يا بيريهان؟وسريعًا نطقت ندى تحاول حل المأزق الذي وضعت نفسها به:.
احنا كنا بنلف شوية بالعربية، بس بيري فجأة تعبت ونزلت، كده برضو يا بيريهان اللي عملتيه فيا ده، ينفع الحالة اللي كنتي فيها؟وطالعت باسم وهي تتابع:قعدت تصرخ فيا مجيش وراها، وأنا كنت مرعوبة عليها، فجأة سابت العربية ونزلت وكانت حالتها مش كويسة.أنا دلوقتي أحسن، ياريت نمشي.
جملة مختصرة قالتها بيريهان طالعت بعدها ندى زوجها بتخوف وكانت على يقين من أنه لم يصدق حرف مما قيل، تعلم أن صمته الآن لن يستمر طويلا، ذهبت مع ابنة عمها إلى السيارة وهو في سيارته خلفهما، توقف عند منزل بيريهان، نزلت ندى وابنة عمها التي طالبته:خلي ندى هتبات معايا النهارده.أمسك بذراع زوجته وهو يرد عليها:أنا اللي لسه كنت هقولك خلي عربية ندى هنا وهبقى ابعت حد ياخدها، علشان هتيجي معايا دلوقتي.
حاولت ندى الحديث ولكنه لم يعطها فرصة حيث ألقى على مسامعها:امشي من غير ولا كلمةولم يستمع لأي شيء أخر، حركها معه حتى سيارته بطريقة مهينة، وهي تعارضه هاتفه:باسم مينفعش كده…يا باسم بقولك استنى.وجدت نفسها في السيارة وقد ضرب باعتراضاتها عرض الحائط، ركب هو الأخر وتحرك بسيارته تحت نظرات بيريهان وما إن ابتعدا حتى نطق:قوليلي بقى كده أي حاجه غير الفيلم الهابط اللي اتعمل من شوية ده علشان مش مصدقه.
ولم ترد على ما طرحه بل واجهته بغضبها:أنت إيه الأسلوب اللي اتعاملت معايا بيه قدام بيري ده.وقبل أن يرد أكملت هي بانزعاج حقيقي:أنت مستنش حتى أقول كلمة واحده، شدتني وكإني مليش رأي وبطريقة مفيش حد يقبلها.المفروض كنت أتصرف ازاي يا مدام ندى؟سألها والسخرية تملأ نبرته، وردت هي عليه:تتصرف بهدوء وتحترمني حتى يا شيخ لحد ما نروح البيت.وبحدة علق على قولها:احترمك لما متكدبيش عليا.
لم ير العبرات في مقلتيها ولكن نبرتها نبهته:تحترمني في أي وقت يا باسم.يمر أمام عينيها الآن لحظات تبغضها، تذكرت كل المرات التي عنفها فيها جابر زوجها السابق، إهانتها التي كان يعتبرها تسليته الوحيدة، لم يحترمها قط، تتذكر حتى اللحظة تلك المرة التي تم نقلها إلى المشفى بعد وصلة من ضربه لها، فاقت من شرودها ومسحت عينيها قبل أن تتحدث:.
احنا لما اتكلمنا يا باسم اتفقنا إننا هنبتدي من جديد، وعلشان أنا نفسي نكمل أتمنى اللي حصلي قبل كده ميحصلش تاني، أنا لحد اللحظة دي بقلق لو حد صوته علي شوية حتى لو كان كلامه مش معايا أصلا، مش عارفة أنت هتفهمني ولا لا بس أنا لما حسيت إني خايفة كلمتك علشان عارفة إني هتطمن، بلاش تخلي الإحساس ده يضيع، لو عندك أي سؤال أو تعليق على حاجه عملتها ممكن نتكلم بهدوء علشان أي طريقة تانية صدقني أنا مش هستحملها.
أنهت حديثها وحل الصمت باقي الطريق، كان رفيقهما عبراتها وقد انتبه هو لهذا الرفيق جيدًا، بمجرد أن وصلا قررت النزول، ولكن لم يمهلها باسم الفرصة، هي الوحيدة التي تحرك داخله مالم تحركه إحداهن، أشفق على حالتها الآن، يعلم أن تجربتها السابقة مازالت جزء منها، احتضنها وقدم اعتذاره قائلا:أنا لسه عايز أعرف اللي حصل بس ده ميمنعش إني اعتذر عن طريقتي، أنا أسف.
أراحت رأسها على صدره، رفعت عينيها إليه، وأدرك هو أن كل ذرة ثبات لديه اهتزت وهي تطالبه:متعملش كده تاني يا باسم.حاضر.قالها باستسلام، وكأنه تحول إلى طفل مطيع يعد أمه ألا يحزنها من جديد، أدرك للتو أنها قادرة على فعل الكثير، يكفي فقط قدرتها على سلبه منه، معها يفقد كل تمرده ويعلن هزيمته بكل رضا طالما كانت الهزيمة هذه بين أحضانها هي.
هناك أقوال تربك كل شيء، هذا ما تيقنت منه رزان بعد تصريح والد زوجها، حتى الآن يتردد في أذنيها ما نطق به حين صرح:هو مش ابنه، ابني أنا.يكرر أن ابنه ليس ابن ل مهدي، أكثر ما كانت تخشاه هو ثورة جابر ولكنها في نهاية الأمر أخبرته بما سمعته من والده وعللت ذلك قائلة:تلاقيه بيخرف يا جابر، أنت مبقالكش كتير مبطله الدوا اللي كنت بتديهوله، ممكن لسه مأثر عليه.
ولكنه لم يستجب، رأت الحريق في عينيه، ذهابه إلى غرفة والده في لحظات، الباب الذي أغلقه بالمفتاح عليهما، لم تستطع سماع أي شيء، ولكن بعد هذه الجلسة المطولة أدركت أن القادم أسوء.عاصرت صمته لأيام، انعزاله، وغيابه عن المنزل لساعات، لم تعد تطمئن للوضع لذا قررت أن تتواصل مع عيسى، والذي ما إن رد عليها حتى سمعت قوله الساخر:خير، اتطلقتي الطلقة رقم كام؟لا أنا متطلقتش.قالتها والقلق ينهشها بينما هو رد عليها:.
مبتتصليش بيا غير في المصايب، عايزة إيه يا رزان؟جاوبته وهي تتمنى لو يساعدها حقًا:أنا هحكيلك بس أنا معرفش كل حاجه، هحكيلك اللي أعرفه واللي حصل.أنصت لها وقصت هي عليه ما حدث بداية مما سمعته من والد زوجها حتى الآن، ليس لديها أي معلومة سوى ما قاله منصور، لا تعرف حتى ما دار بينه وبين ابنه، وكان أول ما ذهب إليه عيسى هو والده، لمحه بعد الفجر وقبل أن يذهب إلى غرفته ذهب إليه مطالبًا:عايز أتكلم معاك.
انتبه له نصران وأبدى استغرابه قائلا:دلوقتي؟هز عيسى رأسه مؤكدًا، ونفذ له والده رغبته، ذهبا معا إلى غرفة المكتب، وبدأ عيسى في الحديث الذي جعل والده ينصت له:أنا عارف إن ثقتك فيا قلت.اسمها خايف عليك.هكذا صحح له والده، وتابع يوضح له وهو يطالعه:.
وأنا على فكرة مش بعاملك على إنك صغير زي ما أنت قولت، أنا بس خايف يا عيسى، أبوك نفسه يتطمن، ومبقاش حمل إنك تبعد عنه تاني ويشوفك تايه ومش عارف يساعدك، مش عايز أفضل شايل على كتافي ذنب إنك ضيعت بسببي زمان ودلوقتي.ترك مقعده، وتوجه ناحية والده، تناول كفه ومال عليه مقبلا، وهو يطالبه برجاء:.
اوعى تقول كده تاني، أنت مقصرتش في أي حاجة، أي حاجه أنا اختارتها بنفسي أنت مش هتشيلها، أنت حاولت كتير زمان تقربني، حاولت تعرف مالي، عملت كل حاجه تقدر تعملها، أنت أحسن أب في الدنيا، ولو هعيش طول عمري أسد في اللي عملته مش هيكون كفاية.أثر به ابنه، ابتسم وهو يمسح على خصلاته بحنان وهو يقول له:يا عبيط أنت ابني، أنت حتة مني يا عيسى، لو مش هشيل همك أنت هشيل هم مين.
وطمأنه وهو يعطيه وعد قرر أن يكون صادقًا فيه:أنا عايزك تطمن، هعملك كل اللي أنت عايزه، أنا حتى جاي دلوقتي علشان أقولك على حاجه مهمة عرفتها، وقولت أنت لازم أول واحد تعرفها معايا.أنصت له والده وقص هو له مكالمة رزان وما إن انتهى حتى نطق نصران:في حاجه ناقصة، الحكاية كاملة أكيد عند جابر و منصور، مفتكرش كلام البت دي صدق، لكن لو ظني خاب يبقى الحكاية كاملة هنعرفها ومش بعيد من جابر نفسه.
وصدق والده، لم يمر الكثير حتى علما بقدوم جابر، يطالب بمقابلة عيسى، كان عيسى و طاهر على سطح المنزل، حين طالب نصران ابنه حسن:هتطلع جابر وتنزل.اعترض حسن مبديًا رغبته في التواجد:ليه أطلعه وأنزل، ما اطلعه وأفضل.وكرر والده ما قال بلا تراجع:لا هتطلعه وتنزل علشان أنا عايزك.
واستجاب لوالده، رافق ضيفهم إلى سطح المنزل، كان القلق يراوده، هناك أمسيات تحمل معها كل ما هو مصيري، كذلك كانت هذه الأمسية، حيث على سطح منزل نصران وأعلى أحد الأسوار جلس عيسى وبجواره طاهر، كانت العتمة مسيطرة على الأجواء عدا ضوء القمر، نفث عيسى دخان لفافة تبغه بعدما أشعلها وعرض على طاهر الذي اعترض قائلا:أنت مش بطلت يا بني؟هز رأسه مؤكدًا:قللت اه علشان ملك وابنك بيتضايقوا منها،.
هتصدعني أنت كمان هرميك من هنا.ضحك طاهر وضربه على كتفه قبل أن يقول:بكرا يجيلك اللي يطلع عينك، ابنك ولا بنتك بقى هما اللي هيربوك بجد.بادله عيسى الضحكة وبان رضاه في قول:موافق جدًا.حل الصمت لدقائق قبل أن يسمعا خطوات تأتي من الخلف، نظرا لبعضهما في إشارة إلى ألا يهتما بهذه الخطوات، وبالفعل استمرت حالتهما هكذا حتى نطق الواقف في الخلف:.
افتكر إني مش محتاج مسدس، قعدتكم على السور دي ممتازة جدًا، هتخلي كل حاجة أسهل.انتظر الواقف خلفهما جواب، وطال انتظاره حتى سمع دندنة كان مصدرها عيسى الذي أغمض عينيه وارتسمت الابتسامة على وجهه وهو يقول:بانو بانو بانو على أصلكم بانووالساهي يبطل سهيانهأكمل طاهر الغنوة متجاهلا هو الأخر من حدثهما قبل قليل:ولا غنا ولا صيتدولا جنس غويطوكتاب ما يبان من عنوانهوبضحكة واسعة هتف عيسى معه منهيًا الغناء:.
بانو أيوه بانوثم علق بإعجاب:الله عليك طاهر…بقولك إيه سمعت حاجة من شوية؟هز طاهر رأسه نافيًا، وأكد عيسى بتسلية:ولا أنا.ثم عادا للغناء، وكأن ما قيل لهما لم يكن سوى سراب، سراب صاحبه يقف خلفهما، وكل ما يريده أن يأكد لهما أن السراب يجب أن يخافه المرء أيضًا.ولكن ما يريده لن يتحقق هنا، في منزل نصران، بادر عيسى بالنزول وتوجه ناحية الواقف، كان أمامه ويسمعه وهو يقول:محتاج أتكلم معاك.
ولو يتوقع أن يتم مقابلة طلبه، باستمرار دندنة عيسى الذي تابع ما بدأه مع طاهر:دوروا وشكوا عني شويةكفياني وشوش.ولم يجد إلا أن الواقف أمامه يجاريه، يخبره ضاحكًا:الكلام اللي هقوله مهم أوي بخصوص الوش اللي غدر بيك بالتحديد.لا طالما ناوي تسمعنا حاجة، يبقى تعالى يا طاهر بقى، أنت حتى فرحك كمان كام يوم، وأكيد محتاج تسمع حاجة حلوه.
كان طاهر بالفعل في طريقه إليهما، توقف جوار عيسى وسمعا الواقف أمامهما يسأل باهتمام لم يسع لعدم إظهاره:فرحك على شهد ؟وكان رد طاهر إشارة على السور خلفه وقول:السور اللي ورانا ده أنا اللي هرميك من عليه لو نطقت اسمها تاني.نظر لعيسى الذي رفع كفيه مؤيدًا:وأنا معاه، مبسيبش أخويا.بس أنا بقى بسيب أخويا.قالها جابر صراحة، كانت مفاجأة كبرى، رأى في نظراتهما عدم فهمهما، فأكمل بلا تراجع:.
أنا أخويا حبيبكم أوي، تعرف شاكر ابن مهدي.قول جعل عيسى يصرح:حتة عالية أوي اللي أنت ضاربها دي.وبإصرار أكد جابر:كان نفسي والله أبقى ضارب فعلا، بس للأسف اللي بقوله ده الحقيقة، اللي واقف قدامك…وأشار على نفسه متابعا ونظراته تنذر بكل شر:أخو شاكر مهدي.وبضحكة ساخرة نطق:أنا بنفسي اللي اتفقت مع الرجالة اللي خلصوا على مهدي بالغلط، خلصوا على أبويا.وعند هذه النقطة بالتحديد تحدث طاهر:.
يعني أنتوا اللي ضربتوا نار على مهدي ليلتها، وكنتوا عايزين احنا اللي نلبسها.مش هتفرق بقى، احنا عملناها، أنتوا اللي عملتوها في الأخر أنا اللي هشيل، اللي راح ده أبويا.علق عيسى على جوابه قائلا:لا ألف سلامة، الله يرحم أبوك يا حبيبي.وبسلاسة صرح جابر وكأنه يلقي على مسامعهم أحوال الطقس:.
كان ×××، اتجوز الشغالة عرفي ولما كوثر عرفت خلع، مفكرش حتى إنها ممكن تكون شايلة في بطنها عيل منه، وطبعا الست كوثر مينفعش ابنها يبقى أخو ابن الخدامة، اللي ربنا كتبلها إنها تخلف.يتردد في أذنيه الآن صوت منصور، الرعشة في نبرته وهو يخبره:.
كوثر كانت صاحبة مراتي، كانت عارفة إننا نفسنا في عيل، داست على الجرح، قعدت تتكلم عن خدامتهم اللي غلطت مع واحد وخلفت وراحت للي خلقها، وتتصعبن، لحد ما الست اللي نفسها في ضفر عيل قالتلها اديهوني.من حالته أدرك طاهر صدقه، نظر إلى عيسى وفهم من عينيه أنه يتفق معه في حكمه، وبان هذا أيضًا في قوله:وأنت عايز إيه دلوقتي يا جابر، أنا مش فاهم برضو أنت جاي ليه.
تحركه رغبته في رد كل شيء لمن تسبب في وصوله إلى هذه النقطة، ظهر هذا بوضوح في قوله:عايز حقي، عايز أحسرها على ابنها، وافتكر أنتوا كمان عايزين ده، فتبقوا معايا وسكتنا واحدة أحسن.هز عيسى رأسه نافيًا وهو يخبره:لا يا حبيب أخوك مش أحسن ولا حاجة.يعني إيه؟سأل جابر وتلقى الرد من طاهر الذي قال له:يعني منك ليه.ووضح طلبه أكثر يلقي على مسامعهما:سلموه ليا وبعد كده مني ليه.صحح له عيسى متوقعًا نواياه:.
قصدك بعد كده تلبسهالنا احنا، وتبقى ضربت عصفورين بحجر واحد.نفى جابر هذا وهو يخبره غامزا له:أنتوا متهمونيش، أنا اللي يهمني هو، وجيت هنا علشان عارف إن سكتنا واحدة، وعلشان تخلص قدام عين أمه ومحدش فينا ياخد فيه يوم واحد…أنا عرفت إن صاحبك متجوز أخته، يعني كده احنا في إيدنا…لم يكمل حديثه بسبب مقاطعة عيسى الذي استوقفه هاتفًا:.
لا صاحبي ولا صاحبك، بشير ومراته ملهمش دعوة بالليلة دي كلها، ومن الأخر كده زي ما طاهر قالك منك ليه.أنا مش هعتبر دي كلمة أخيرة، وهجيلكم تاني، تكونوا خدتوا رأي كبيركم وشوفتوا هتعملوا إيه، وياريت بسرعة.هكذا رد جابر وقرر المغادرة وأثناء رحيله توقف يقول وقد تذكر شيء:بالمناسبة سعاد حسني في أخر الفيلم اللي غنت فيه بانو بانو قتلها أخوها، افتكر دي إشارة حلوة أوي.
ضحك بعد قوله هذا وأكمل طريقه تحت نظرات عيسى و طاهر الذي ما إن غادر حتى هتف:جابر مش سالك، عايز ياخد كل حاجة وميتلطش، كلم رزان قولها تعرف إيه اللي حصل بالظبط بينه وبين أبوه علشان غالبا الفترة الجاية هو هيعك كتير.هز عيسى رأسه موافقًا، أخرج هاتفه وقد كرر التواصل معها، بينما في نفس التوقيت علا صوت شهد في الأسفل والتي أتت من أجل شقيقتها ولكن استوقفتها سهام عند البوابة قائلة:ازيك يا شهد.الحمد لله.
جاوبت باختصار حتى لا تنخرط معها في أي حديث قد يسبب شجار، ولكن لم تفلتها سهام التي قالت:رفيدة قالتلي إنك جبتي الفستان، بتقول إنه حلو و..قاطعتها تصحح لها بابتسامة:لا مش أنا اللي جبته، طاهر اللي جابه، هو مقالكيش ولا إيه؟رأت الانزعاج في عينيها، ولكنها سريعًا ما وأدته وهي ترد:مش مهم طاهر ياما جاب، حتى اسألي كده عن اللي قبلك هتعرفي إنه مجابلهاش شوية المهم بس متبقاش أخرتك زيها، في لحظة طاهر طلقها ومشيت.
هو أنتِ عايزة إيه؟، إيه مشكلتك معايا، ما تجربي تصارحيني يمكن أعرف أساعدك.سألتها شهد وردت هي بهدوء:مش عايزة حاجة، أنا بكلمك لمصلحتك، أنتِ خلاص داخلة البيت ده ولازم هنتعامل مع بعض، فمتحاوليش تخسري طاهر أمه علشان محدش هيطلع خسران غيرك.بمجرد أن أنهت حديثها أتى طاهر، بان استغرابه، وسأل:في إيه؟استدارت شهد وحدثته بابتسامة:.
كنت جايبة حاجة لملك وهمشي علطول، بس طنط وقفتني بتقول كلام غريب كده، كلمها أنت بقى يا طاهر.قالت جملتها الأخيرة وهي ترفع كتفيها ببراءة ثم غادرتهما، وحينها نطق طاهر:هو أنتِ مش عايزاني أرتاح؟سألها وبررت هي:أنا معملتش حاجة، أنا كنت بقولها تاخد بالها منك بس.ونبهها هو محذرًا:.
ماما لو كنتي فاكرة إن لو حصل مشاكل بينك وبين شهد أنا هطلقها فده مش هيحصل، لو حصل مشاكل أنا هنقل في بيت برا لوحدي، فياريت متوصليناش للنقطة دي، وياريت برضو تهتمي أكتر برفيدة اللي بسبب ضغطك عليها مبقتش عارفة هي عايزة إيه.لم ينتظر ردها غادرها وقد طفح كيله من أفعالها، انتظر شهد عند البوابة، لم تبق طويلا عند شقيقتها، وما إن لمحها حتى ناداها:شهد.
وقفت تنتظر ما يريد قوله، ظنت أن الأمر يخص حديثه مع والدتها ولكنه فاجأها حين قال:أنا عارف إني مشغول عنك اليومين دول، بس مش لدرجة مترديش على مكالماتي يعني.وردت هي عليه تعاتبه بغيظ:علشان أنا اتصلت بيك عشر مرات ومردتش.في حد بيتصل بحد عشر مرات ورا بعض؟سألها وقد انتقل له غيظها، ولكنه سريعًا ما أبعده وهو يقترح بابتسامة:أنا عندي ساعتين فاضيين تيجي نخرج؟
اتسعت ابتسامتها، وهزت رأسها تعلن موافقتها، وهي تخبره:موافقة علشان أنت وحشتني أوي الأيام اللي فاتت، وكمان علشان عايزة أتكلم معاك في موضوع.لا طالما عايزة تتكلمي يبقى نخلي الساعتين أربعة.قوله هذا أسعدها كثيرًا، شعورها بأنه متواجد دائمًا يطمئنها رغم كل شيء، رغم حتى والدته التي لا تكف عن السعي جاهدة لتعكير صفو علاقتها به.
في صباح اليوم التالي استجاب عيسى لمطلب زوجته، يجلس الآن مع والدتها في المحل، يتناول فنجان القهوة الثاني، والذي ما إن أنهاه حتى قال:نشرب شاي بقى بس بلاش سكر.هو أنت يا بني جاي تقعد معايا شوية، ولا تشغلني قهوجي؟سألته بضجر، وببراءة جسدها يامتياز رد:أنتِ شكلك زهقانة مني، أنا هقوم امشي.تذكرت كل توسلات ابنتها بأن تنتهي جلسة بينهما بلا أي شجار، لذلك ردت بابتسامة صفراء وهي تنفي:.
لا طبعا هزهق من جوز بنتي، عموما حاضر من عينيا الاتنين، هقوم أعمل الشاي، بس لو نفسك راحت لمشاريب تانية هتقوم تعملهالنا احنا الاتنين.وأثناء ذهابها لإعداد ما طلب سمعته يقول:لا مشاريب تاني إيه، احنا هنتغدى بقى.لا فائدة منه، هذا ما قالته لنفسها أما هو فأرسل لزوجته التي صعدت لشقيقتيها عبر تطبيق المحادثات حيث أخبرها:قاعد مؤدب أهو، أي شكاوي تجيلك مني اعرفي إنها افتراء.مش مصدقاك.
كتبت له هكذا وكان جوابه مقطع صوتي أخبر أثناء تناوله للشاي من يد هادية وهو يخبرها:أنا مبحبش الشاي، بس بتاعك مخصوص بيخليني أحب الشاي، وعيون الشاي، واللي بيشربوا الشاي.طالعته هادية باستغراب قبل أن ترد:شكرا، إياك تفضل غزالتك رايقة كده علطول.وما إن أرسل هذا المقطع لملك حتى وجد ردها:بس أنا مبحبش الشاي يا عيسى.ابتسم وهو يكتب لها:طب ما بلاها شاي خالص.انتبه على صوت هادية التي سألته:.
هو الحاج نصران عامل إيه؟الحمد لله، بيوصلك السلام.قال هذا ثم تفوه بما لم تتوقع أن ينطق به أبدًا:مش كان اتجوزك أنتِ بدل سهام اللي طلعتلي في البخت دي.وقبل أن توبخه هادية تابع:ولا أحسن إنه معملهاش، كان زمان ملك أختي.رأى في عينيها غضبها، كفها القابض على الطاولة بغل فهتف قبل أن تنطق:أنا شكلي هتطرد، بصي اعتبري مقولتش حاجة.
نطق بقوله الأخير غامزًا وهو يبتسم أما هي فأرادت لو زجت به خارج محلها الآن، يدرك الآن فقط أنه لو كانت النظرات تقتل لأصبح مقتله على يدها هي.
في بعض الأحيان يدفعنا الغضب لفعل كل ما هو غير منطقي، نقطع طريق طويل نبحث عن شيء ما وربما أن نكتشف في نهايته أن ما بحثنا عنه لم يكن سوى سراب.لم تفكر بيريهان في أي شيء سوى أنها تريد كل التفاصيل التي أخفاها عنها، تريد معرفة كل حرف خدعها فيه، ولقد نالت ما أرادت، نالت ملك، جلسة تجمعها معه ومعه في آن واحد.
لم تصدق ملك أنه تراه أمام عينيها، هرولت ناحية الباب تحاول فتحه ودقات فؤادها تتسارع وقبل أن يقترب شاكر منها صرخت فيه:ابعد عني، إياك تقرب مني، أنا عايزة أخرج من هنا، افتح الباب ده.وبشجاعة تملكتها في هذه اللحظة هتفت:أنا مش خايفة منك، لو فكرت تعملي حاجة، عيسى ه…قاطعها صارخًا فيها:متنطقيش ولا كلمة، وبعدين مش أنا اللي جايبك هنا، أنتِ اللي جيتي.
لا مغيث الآن، كل ما يطمئنها لمحات من صوته وهو يخبرها أن كل شيء سيكون بخير، احتضانه لها عقب كوابيسها المفزعة كل ليلة، رأت بيريهان فهرولت ناحيتها تتحدث بانفعال:افتحيلي الباب ده، خرجيني من هنا حالا.لما يقول الأول.هكذا أخبرتها ببساطة، وصرخت فيها ملك:يقول إيه؟ابتسمت بيريهان وهي تطالعه وتنطق:قتل فريد ليه؟
شعرت ملك بفؤادها يهوى أرضا، لمحت مطفأة السجائر فشعرت بأنها النجدة، تناولتها سريعًا وقبل أن تهددهما بها وجدت شاكر يقترب منها وعينيه في عين زوجته وهو يخبرها بابتسامة:وأنا هقولك اللي عايزة تسمعيه.تناول ذراع ملك التي كانت ترتعد خشية على جنينها قبل أي شيء، وهتف وقد انتقلت نظراته لها:علشان عايزها.جملة مختصرة ولكنها تحمل الكثير، تملكه، وكل الأنانية التي انفرد بها، وقبل أن تضربه ملك بالمطفأة حذرها هو:.
اعمليها كده بس متزعليش بقى لما محدش يطلع من هنا سليم.بصقت في وجهه ولا تعلم كيف خلصت ذراعها منه، هرولت ناحية إحدى الغرف ولكنه لحق بها، وتحت نظرات بيريهان أمسكها محاوطًا إياها من الخلف وهو يقول:لا استني علشان بيري تسمع الحكاية كاملة.وقبل أن تصرخ ملك كمم فمها، وحينها توجهت بيريهان ناحيته تطالبه:ابعد عنها.ولكنه لم يتراجع، ظل متمسكًا بها وهو ينطق:.
لا مينفعش، لو كنت بعدت عنها مكانش بقى في الحكاية اللي عايزة تسمعيها.وختم بابتسامة:وأنا هسمعهالك دلوقتي كاملة.الدموع تحكي الكثير، عبرات ملك التي تجمعت في مقلتيها، ورغبتها العارمة في الصراخ باسمه الآن، عيسى، يمر أمام عينيها الآن لحظاتها في الصباح معه، كان يتناول إفطاره وانتبه إلى أنها لا تأكل فسألها:ملك مبتاكليش ليه؟بحب اتفرج عليك.قالتها بابتسامة انتقلت إليه وهو يرد عليها:.
ده أنا حظي حلو أوي على فكرة.أكدت له والحب في عينيها يدل على صدقها:أنا اللي حظي حلو، عايزة أخلف ولد شبهك، أو بنت عادي، المهم أفضل شايفاك علطول.تستطيع بكلمات قليلة أسره وبان هذا في قوله:.
ده أنتِ راضية عني أوي النهاردة، واللي جاي ده كمان محظوظ على فكرة، كفاية إن أمه هتبقى أنتِ، الست اللي كل مرة بقولها بحبك أحس إنها أول مرة، أمهم ملك اللي اختارتني واللي لما ببعد عنها شوية بتوه، ياريت لو عرفتك من زمان يا ملك.كلماته هذه كلمسات حانية تشعر بها الآن تحتضنها رغم شاكر الذي يحاوطها، رغم صوتها الذي سجنه، ودموعها التي خذلتها، رغم كل شيء لا تشعر بسواه الآن، يجسدها ببراعة أبيات فاروق جويدة:.
لماذا أراك على كل شيءٍكأنكِ في الأرضِ كل البشركأنك دربٌ بغير انتهاءٍوأني خلقت لهذا السفر..وهي على يقين من أنها خُلِقت لهذا السفر وترضى به، ولا ترغب في هذه اللحظة إلا أن تهرب إليه، تهرب إلى موطنها وأمانها الوحيد، إلى عيسى.
مشاهدة فيلم شباب البومب 2 2025 كامل بجودة HD: رابط مباشر وتحميل رسمي بكل سهولة
تحويل الصور إلى نمط Studio Ghibli بالذكاء الاصطناعي مجانا: أفضل الأدوات ورابط مباشر لتجربتها
هاتف Honor 2025: إمكانيات خارقة وسعر مذهل مع شاشة رائعة وبطارية جبارة!
مسلسل مراهق العائلة: دراما عائلية مؤثرة تلامس القلوب وتثير نقاشًا واسعًا حول العالم
توقيت الدوام الصيفي 1446 في الباحة: تفاصيل الجدول الجديد وآلية تطبيقه بكافة المدارس
عاجل| حالة الطقس ثالث أيام عيد الفطر: مائل للحرارة نهارًا والقاهرة تسجل 27 درجة
قائمة أغنى المليارديرات في العالم لعام 2025 وفق فوربس: الأسماء والتحديثات الجديدة
مواعيد الدوام الصيفي في نجران 1446: التوقيت الجديد والتوجيهات الرسمية للطلاب والمدارس