رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الثاني والأربعون
شعر دكتور خالد بالملل من نوع النساء الذي اعتادته، النساء الفارات من فراش الزوجية، أراد تجربة نوع جديد من الفرائس، نوع لم يقربه أحد قبله، وجد ضالته في بعض الفتيات الجامعيات، لكن كن أمكر منه، كانت معظمهن تحرص على بقائها بكر، كما أرهقنه بطلباتهن التي لا تنتهى، هذا بخلاف الطلب المتكرر لهن جميعا وهو الزواج حتى لو كان سرا، فعاد مرة أخرى للمتزوجات، ليس لهن طلبات، وخصوصا طلب الزواج، وهن أحرص منه على عدم كشف سر هذه العلاقة.
أكد الطب الشرعى ما اقرته ناهد في مرافعتها، وحكمت المحكمة بسجنها خمس سنوات مع الرأفة.
سعاد: شكرا قوى على تعبك معايا، كتر ألف خيرك، لو عيشت عمرى كله أرد جميلك مش هأقدر، عمتى جات زارتنى وهي ما عندهاش مانع تاخد البنات، كفاية عليكي قوى كدة، الموضوع هيطول.
زهرة: ما تحمليش هم البنات، هيفضلوا معايا لحد ما تخرجى واطمنى عليهم، عمتك أكيد ست كبيرة والبنات مدراسهم هنا، إزاى عايزاهم يروحوا محافظة تانية؟
وبعدين أنا اللى عايزة أشكرك، أنتى فعلا رديتى لى الجميل أكتر من مرة، مرة لما هديتينى بندى ونور، ومرة لما حافظتى على نفسك، أنتى ظهرتى في حياتى في وقت كنت قربت أفقد الثقة في كل اللى حواليه، لحد ما شوفتك وعرفت أن الدنيا فيها ناس ضد الانحراف والخيانة، ستات بترفض الرذيلة حتى لو كانت بموافقة جوزها، أنتى كل الظروف كانت ضدك، ومع كدة قاومتى، أنتى مش عارفة إنى بأستمد منك القوة والمقاومة يا سعاد، انا مديونة ليك يا سعاد بكتير قوى، اطمنى على ندى ونور هيكونوا في عينيا، أمانة عندى لحد ما تخرجى من هنا.
زارت زهرة نانا.
زهرة: مش مقول كدة يا نانا هتفضلى حابسة نفسك كدة هنا؟
نانا: هأخرج لمين وليه؟ خرجت كتير، اختلقت كل الأعذار اللى في الدنيا عشان أخرج، كدبت وكان كدبى دايما مفقوس وهو من كرم أخلاقه كان بيتظاهر إنه مصدقنى، ولما مات هو وما بقتش محتاجة أكدب ما عدش ليا نفس لأى حاجة.
زهرة: الدنيا ما بتقفش على حد.
نانا: أنا دنيتى وقفت، ونفسى الموت يكون رحيم بيا ويجى لى يرحمنى من اللى أنا فيه.
زهرة: استغفرى ربنا وادعى له بالرحمة.
اصطحب دكتور خالد سيدة جميلة معه في سيارته، كان قد اتفق معها على اللقاء في شقة المقطم، ظلا طول الطريق يضحكان معا بصوت عال.
السيدة: لسة كتير على الشقة؟
د. خالد: خلاص أول الشارع الجاى يمين.
السيدة: طب سوق بسرعة شوية عايزين نخلص قبل مايرجع جوزى.
خالد: أكتر من كدة؟
السيدة: حاسب يا خالد هتخبط في العربية اللى قدامنا، حاسب يا خالد حاسب يا خالد.
اصطدمت بالسيارة التي كانت تسير أمامها.
كان رقم زهرة آخر رقم اتصل به دكتور خالد وأثناء جلوسها بالجريدة جاءها اتصال من المستشفي التي تم وضعه فيها.
زهرة: أيو يا أفندم، مين حضرتك؟
المتصل: من فضلك من غير قلق إحنا لقينا رقم حضرتك آخر رقم اتصل بيه صاحب الموبايل ده، هو يقرب لك إيه؟
زهرة: أنتوا مين؟
المتصل: صاحب الموبايل عمل حادثة وهو موجود دلوقتى في مستشفى الأمل بالمقطم.
زهرة: بتقول إيه؟ خالد عمل حادثة؟ أنا جاية حالا.
لم تستطع زهرة القيام من مكانها، لقد زلزلها الخبر، كانت شرين معها عندما جائها الاتصال.
شرين: إن شاء الله تكون بسيطة.
زهرة: بسيطة إزاى؟ اللى اتصل بيا مش جوزي، ده حد تانى، لو كان كويس كان كلمنى هو، مش عارفة إيه اللى وداه المقطم.
شرين: طب قومى نروح له.
زهرة: مش قادرة أقوم من مكانى.
شرين: هأروح أعمل لك حاجة تشربيها.
زهرة: لا أشرب إيه، أنا قايمة.
وما أن علم زملائها بالجريدة حتى تجمعوا وذهبوا جميعا معها.
دخلت زهرة المستشفى، ظلت تسأل كل من يقابلها عن المصابين في حادث السيارة حتى وصلت إلى حجرة العمليات، وقفت تسأل الخارج والداخل عن حالته ولا أحد يطمئنها، وبعد أكثر من ثلاث ساعات خرج دكتور خالد من حجرة العمليات وهو موضوع على ترولى متجهين به نحو حجرة الرعاية المركزة، جرت زهرة خلفه، لكن لم يسمح لها بدخول الحجرة، خرج الطبيب المرافق له بعد إيداعه بالرعاية.
الدكتور: الحمد لله انكتب له عمر جديد، لكن الست اللى كانت معاه للأسف أتوفت.
صدمت زهرة مما سمعت، لم تستوعب ما قيل للحظات، خبر إصابة زوجها في حادث لم يزلزها مثل ما زلزلتها هذه الجملة، كانت معه امرأة، وأين؟ في المقطم.
بعد قليل اتضح كل شئ خصوصا مع حضور بعض الأشخاص من جيران دكتور خالد ومعارفه بالمقطم.
كتمت زهرة حزنها بداخلها وتظاهرت بالثبات، هذه المرة لن يستطيع الإنكار، تأكدت من ملكيته لشقة المقطم التي سبق وأنكرها، كانت معه امرأة تجلس بجواره، سبع سنوات وأكثر وهي تحيى معه في خداع، تصدق أكاذيبه، لم تعف نفسها من المسئولية، هي شريكة له في جريمته بحقها، بسذاجتها أحيانا وبغفرانها له، لولا تأكده من تقبلها ما حدث منه ما تمادى فيه، من أمن العقوبة أساء الأدب، وهو أمن العقوبة وأمن وجودها، وأمن غفرانها، أذن عليها دفع الثمن.
لم يسمح لها بالمبيت في المستشفى فانصرفت بصحبة نرمين وعمها، اللذان علما كل شئ واكتفيا بالصمت، لا الوقت يسمح باللوم ولا اللوم سيفيد.