رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل السابع عشر 17 بقلم جيهان عيد

17=رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل السابع عشر

زهرة: إيه اللي بينك وبين ماما يا خالد؟
د. خالد: إيه الكلام الفاضي ده؟
زهرة: لما أختك اتكلمت على ماما قولت لها إن ماما أشرف ست في الدنيا، وقلت نفس الكلام لأخوك، ومن أول جوازنا وأنت كل فترة تفضل تهلوس وتقول بنتك في عينى يا ماجدة، كنت بأقول جايز بيحلم بيها بتوصيه عليا، لكن النهاردة أنت طول الليل تحلم بيها، اسمها جه على لسانك أكتر من مرة، وما جيبتش سيرتى خالص.

د. خالد: عادى، هو أنا جيبت سيرة حد غريب؟
زهرة: لا مش عادي يا خالد، أنا مضطرة أقول على الأصعب، أنت كذا مرة تنادينى باسمها، منهم مرة أثناء علاقتنا، أنت صحيح خدت بالك وما بقتش تعملها بس حصلت، أنت كنت بتحب ماما يا خالد؟
د. خالد: أنا هأقول لك على كل حاجة.
زهرة: قول.

د. خالد: أنا كنت ساكن في عين شمس زمان، وعايدة كانت جارتى وكنا زمايل من أيام ثانوى، كنت ساعات بأروح لها كلية التجارة، شوفت ماما، كانت صاحبة عايدة، كنت لسة صغير، حبيتها حب مراهقة، لكن هي اتجوزت أبوكى حتى قبل ما تخلص دراسة، وانقطعت علاقتى بيها، بعدها اتعرفت على عمك، كنت بأخد منه أجهزة ومستلزمات طبية للعيادة بتاعتى، وبقينا أصحاب.
زهرة: يعنى أنت أتجوزتنى عشان أنا بنتها؟

د. خالد: أقسم بالله أبدا ً، أنا حبيتك أول ما شوفتك، من غير ما أعرف إنك بنت ماجدة، أنا عمري ما شوفتك قبل كدة، زياراتى لعمك في البيت كانت شبة معدومة، هو عمره ما جاب سيرتكوا، ولا كان بيظهر بيكوا في أى مكان.
زهرة: طالما بتجيب سيرتها يبقى لسة بتحبها، عقلك الباطن لسة بيفكر فيها، إيه العذاب اللى بتعذبهولى ده يا خالد؟ حرام عليك.

ضم دكتور خالد زهرة إليه وقال: يا حبيبتي ماما الله يرحمها، جايز أكون حلمت بيها وعقلى الباطن لسة بيفكر فيها ده لإنى عمرى ما أتكلمت عنها، ففضلت عايشة جوة تفكيرى، لكن كدة خلاص انتهت.
زهرة: ماما يا خالد؟
د. خالد: ده قدر يا زهرة، أنا لا أخترت أحب ماما زمان ولا أخترت أحبك دلوقتي، وأقسمت لك إنى ما كنتش أعرف إنك بنتها، وبعدين أنا ما كانش في حاجة بينى وبينها، الحب كان من طرفى، وما حدش عرف بيه حتى عايدة.

زهرة: ومنين عرفت إن ماما أشرف ست في الدنيا؟ أنت مش بتقول إنها اتجوزت وبعدت وانقطعت علاقتك بيها.
د. خالد: عايدة زى ما قولت لك كانت جارتى، فضلت علاقتى بيها، علاقة الزمالة، وكانت دايما تجيب سيرتها وتقول إن جوزها معذبها بالشك، وإنها محترمة وشريفة ودكتور سليمان هو اللي شكاك عشان فرق السن اللي بينهم.
زهرة: طنط عايدة دي ست محترمة، الله يرحمك يا ماما.

د. خالد: نامى يا زهرة، واتأكدى إن ما فيش حد في قلبى غيرك.
زهرة: يعنى مش بتبص لحد غيري؟
د. خالد: العين بتشوف ألوف، المهم مين في القلب.
زهرة: ولا بتعمل حاجة وحشة؟
د. خالد: ولا بأعمل حاجة وحشة.
زهرة: يا حبيبي، بأحبك قوى يا خالد.
د. خالد: أنا بقى بأعشقك.

لم يخبر دكتور خالد زهرة شيئا عن حب عايدة له، ولا عن محاولاته إقامة علاقة مع أمها بعد زواجها.
لاحظت زهرة أن نعمات تأكل أقل القليل.
زهرة: إيه يا نعمات؟ الأكل في التلاجة بحاله، أنا مش قولت لك تاكلى؟ هأودى الأكل اللى فايض ده كله فين؟
نعمات: كلت يا هانم.
زهرة: يا نعمات كولى، أنتى مكسوفة؟
نعمات: لا أبدا.
زهرة: أمال في إيه؟
نعمات: أصل أنا بأستحرم أكل حاجة ولادى مش بياكلوا منها.

زهرة: خلاص ابقى خدى معاكى يوم الخميس وأنتى مروحة لأولادك.
نعمات: لا يا هانم كتر خيرك، كفاية اللى بتعمليه معايا.
زهرة: طب كولى عايزة وشك ينور، وإن شاء الله يوم الخميس خدى كل اللى في التلاجة، وهأديكى كمان فلوس وأنتى مروحة تجيبي اللى أنتى عايزاه.
نعمات: ربنا يديكى الخير كله.
بدأت نعمات تأكل على استحياء
لحظة صمت
نعمات: لا مؤاخذة يا ست زهرة أنتى ما فيش غيرك أنتى والدكتور ليه بتخلينى أعمل أكل كتير؟

زهرة: ممكن يجي ضيف في أي وقت، وبعدين أنتى بتاكلى وبأدى البواب ومراته.
نعمات: بس ده كتير، وكان ممكن أنا أكل أى حاجة، ومش لازم البواب ياكل من الأكل اللى بتاكلى منه.
زهرة: لا يا نعمات، أنتى وهما مش أقل منى، لازم كمان تاكلوا الأكل وهو طازة، خير الصدقة إطعام الطعام.
نعمات: ربنا يطعمك من الجنة، ويراضيكى.
زهرة: مش عايزة تتصلى بأولادك؟ وإلا ما عندكيش رصيد؟

نعمات: بصراحة الرصيد اللى معايا مخلياه على قد الضرورة.
زهرة: طب هاتى رقم بنتك الكبيرة عشان نتصل عليها من موبايلى، مش أنتي أدتيها رقمى؟
نعمات: أيوا، بس مالوش لازمة، هما طالما ما رنوش يبقى ما فيش مشكلة عندهم.
زهرة بحزم: هاتى يا نعمات، أنا عايزة شيماء بنتك.
نعمات: حاضر.
اتصلت نعمات بابنتها، وبعد الاطمئنان عليها تحدثت معها زهرة.
زهرة: إزيك يا شوشو.
شيماء: الحمد لله يا هانم.
زهرة: ناقصك إيه يا شوشو في الجهاز؟

شيماء: مستورة يا هانم.
زهرة: يا بنت قولى ناقصك إيه؟
شيماء: جيبنا اللى نقدر عليه والباقى أمي هتجيبه بالقسط.
زهرة: راسك ناشفة زى أمك، قولى يا شيماء ما توجعيش دماغى، أقول لك جيبى ورقة وقلم واكتبى لى كل اللى ناقصك.
أنهت زهرة المكالمة، انحنت نعمات على يدها تقبلها.
نعمات: ربنا يسترك دنيا وآخرة يا ست زهرة، بس كدة كتير، وممكن دكتور خالد يتضايق.

زهرة: دى فلوسى يا نعمات، مش فلوس دكتور خالد، عمى كان عامل لى أنا وأختى دفاتر توفير شال لنا فيهم كل فلوس بابا.
نعمات: أنتى بنت أصول يا ست زهرة، ربنا يكرمك.
مر ثلاثة أشهر على عمل نعمات بشقة دكتور خالد وزهرة، وفي صباح أحد الأيام فوجئت زهرة بنعمات واقفة أمامها وقد جمعت ملابسها في شنطة بلاستيكية صغيرة، وتستأذنها في الرحيل.
زهرة: عايزة تمشى ليه يا نعمات؟

نعمات: ولادى محتاجينى قوى، بعد جواز أختهم الكبيرة مش عارفين يمشوا أمورهم.
زهرة: وهتصرفى عليهم منين؟
نعمات: ربنا كبير يا ست هانم، ولادى هيضيعوا لو ما رجعتلهمش.
زهرة: خلاص يا نعمات خدى المبلغ ده اعملى بيه مشروع وخليكى جنب ولادك.
نعمات: ربنا يسترك يا ست زهرة، والله دكتور خالد لو لف الدنيا مش هيلاقى زيك، جمال وأدب ونضافة وكفاية إنك بنت أصول.

لم تعى زهرة كلام نعمات، فقالت بسذاجة: جرى إيه يا نعمات هو حد قالك إنه هيتجوز عليا؟
نعمات: لا يا ستى، أنا بأقول عموما، مش دكتور خالد بس، أنا كمان لو لفيت الدنيا مش هألاقى زيك، أنا دخلت بيوت كتير وقليل ما شوفتش زيك.
زهرة: بس قبل ما تمشي أنا عايزة منك خدمة.
نعمات: أؤمرينى.
زهرة: لو تعرفي واحدة زيك تيجي تشتغل مكانك هاتيها.
نعمات: حاضر يا هانم.
زهرة: رقمي معاكي لو احتجتى أى حاجة اتصلي بيا.

همت نعمات أن تخبرها بتحرش دكتور خالد بها ودخوله حجرتها بالمفتاح الذي معه لكنها تراجعت، نعمات جاءت من بيئة ريفية، المرأة فيها تعرف قيمة الأسرة، تكره خراب البيت، تتحمل ما لا يستطيع غيرها تحمله، من أجل استمرار الحياة الزوجية، هذه الثقافة أثرت على تفكيرها، وضعت ابنتها مكان زهرة.

، تصرفت كما كانت ستتصرف مع ابنتها، لو لم تكن تعلم لن تخبرها، ولو علمت ستنصحها بالصبر مادام يعود إليها آخر اليوم، انصرفت نعمات ومعها سرها وسر كل من حضرت للعمل في شقة دكتور خالد، لتظل زهرة في غفلتها، رغم تعاقب العاملات وهروبهن بحجج مختلفة.
ظلت زهرة تلح على دكتور خالد لكى تعمل.

د. خالد: والله ما ناسى، أنتى عارفة الدنيا قافلة دلوقتي، ومش هينفع اوديكى تشتغلى سكرتيرة في شركة ولا مدرسة بالحصة، أو موظفة بعقد مؤقت، لازم حاجة تليق بيكى.
زهرة: أنا زهقت يا خالد، كمان العلاج اللى بأخده مش جايب نتيجة.
د. خالد: إحنا قولنا إنه بياخد وقت، اصبرى يا زهرة وسيبى كل حاجة على ربنا.

مر عامان آخران، انجبت نرمين طفلا آخر، انشغلت بطفليها قليلا عن عمر، أصبح كل اهتمامها بهما، حتى أنها أصبحت لا تخرج إلا قليلا، ظل حبها لعمر لم تنتقص منه السنين ذرة، بل كان يزداد كل يوم، لا ترى رجلا غيره، وبعد عناء طول اليوم كانت تلقى بجسدها المرهق على الفراش كالأموات، لا تعترض على منحه حقه الشرعى، لكن بلا روح، تأدية واجب فقط، ففترت علاقة عمر بها، وإن ظل يحبها ولا يرى غيرها.

حفل عيد زواج دكتور خالد وزهرة الخامس.

كالعادة اجتمعت أسرة زهرة ودكتور خالد وبعض معارفه، الملفت للنظر كثرة وجود السيدات، كل واحدة منهن قدمها لزهرة بصفة مختلفة، الحكمة تقول إذا قررت الكذب عليك أن تكون قوى الزاكرة، من وسط كل المدعوات علقت واحدة منهن في زاكرة زهرة، قدمها العام الماضى على أنها طبيبة معه بالمستشفى، وقدمها هذا العام على أنها مندوبة علاقات عامة بشركة أدوية، لاحظت زهرة ذلك وقررت أن تستفسر من خالد عنها لكن بعد انصراف المدعوين.

كانت زهرة أجمل نساء الحفل رغم عدم مبالغتها في وضع مساحيق التجميل، وارتدائها ملابس غاية في الاحتشام، حتى مجواهراتها ارتدت أبسطها وأرقها، أما ما كان يزينها حقا ويجعلها تخطف القلوب ابتسامتها العذبة التي ظلت تلازمها طول الحفل.
بالطبع كانت عايدة تشتعل غيرة وحقدا وهي ترى خالد مشغولا عنها، بعد أن ضمن وجودها، مفتونا بزهرة، عيناه معلقة عليها وكأنه يراها لأول مرة.

ظل خالد قريبا من زهرة يكاد يلتصق بها، يحدثها هامسا، لا يخجل من تقبيلها من آن لآخر.
د. خالد: مش قادر أصدق نفسى، خمس سنين عدوا على جوازنا هوى، كأنهم حلم، تعرفى أنا نفسى في إيه؟
زهرة: إيه؟
د. خالد: نروح نحتفل بعيد جوازنا في الفندق اللى قضينا فيه شهر العسل، وتلبسى الفستان الأبيض تانى ونعمل فرح من جديد.
زهرة: يا راجل اختشى، هتعمل فرح تانى وأنت كلها كام شهر وتقفل ال50 سنة.

د. خالد: اتحداكى لو حد أدانى أكتر من خمسة وتلاتين سنة.
زهرة: حتى لو عندك ميت سنة يا حبيبي بأعشقك.
انشغل المدعوين جميعا بخالد وزهرة.

نرمين وعمر
نرمين: تفتكر خالد هيهادى زهرة بإيه السنة دى؟
عمر: مش عارف، خالد مفاجئاته كتير.
نرمين: السنة اللى فاتت هداها بشالية في مارينا، واللى قبلها عربية bmw واللى قبلها…
عمر مقاطعا: أنتى هتقرى على أختك؟
نرمين: لا والله، زهرة تستاهل كل خير.
عبد الرحمن وعايدة
عبد الرحمن: شوفتى يا عايدة؟ اللى عملت حسابه وكنت خايف منه حصل، شايفة خالد وزهرة؟

عايدة: مالهم؟ ماهم زى الفل أهو، والراجل محتار يعمل إيه عشان يسعدها.
عبد الرحمن: خالد دلوقتى عنده 50 سنة، وزهرة عندها 27 سنة، باين عليه السن رغم الصبغة والجلسات اللى بيعملها على وشه زى الستات.
عايدة: ولا باين عليه ولا حاجة.
عبد الرحمن: يا عايدة هو بقى في أول سن الشيخوخة وهي في عز شبابها، مش عارف أنا كان عقلى فين وأنا بأجوزهاله.

عايدة: يا حبيبى هي مبسوطة، وهو كمان بيحبها، وبعدين بص عليه كدة ما تديهوش اكتر من أربعين سنة.
عبد الرحمن: برضو كتير.
عايدة: خلاص بقى يا عبدو، اللى حصل حصل.
وعلى جانب آخر سيدتان من المدعوات للحفل.
سيدة 1: شايفة أحلوت ازاى؟ ووشها نور إزاى، الله يرحم حب الشباب اللى كان مالى وشها.
سيدة 2: العز حلو يا حبيبتى، شايفة الطقم الالماظ اللى لابساه؟

سيدة 1: وإلا الفستان والمجوهرات اللى بتغير فيها زى ما بتغير في جزمها.
سيدة 2: هو بيكسب شوية، الكشف بتاعه بخمسمية جنيه والمستعجل ب 1000 ده غير الولادات والعمليات اللى بالى بالك.
سيدة 1: لا يا شيخة بيقولوا إشاعات.
سيدة 2: طب والله بيعمل عمليات إجهاض وترقيع.
سيدة 1: أعوذ بالله، ومش خايف من ربنا.

خالد وزهرة
د. خالد: مبسوطة يا زهرة؟
زهرة: طول ما أنت معايا يا حبيبى أنا مبسوطة.
دخالد: عجبتك الهدية؟
زهرة: أى حاجة منك يا حبيبي حلوة، بس أنا كان نفسى في حاجة تانية.