رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل الخامس عشر 15 بقلم جيهان عيد

رواية زهرة في مستنقع الرزيلة الفصل الخامس عشر 15 بقلم جيهان عيد 

 15=رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الخامس عشر

عايدة: بتطردنى يا خالد؟
د. خالد: وأضربك بالنار كمان لو اتكلمتى عليها كلمة وحشة.
عايدة: أنا اللى ضحيت بكل حاجة عشانك.
د. خالد: عشان متعتك.
عايدة: لا يا خالد، أنت مش فاهم حاجة، مش فاهم يعني إيه واحدة تعشق واحد ويبقى كل همها إنها بس تشوفه، ترضيه، تسعده، مش عشانى يا خالد، عشانك، عشان بحبك، عشان أفضل جنبك، عشان أشوفك، أنا رضيت بحاجات مش ممكن ست ترضى بيها، رضيت بالضرب، بالإهانة، بالشتيمة، عشان أرضيك، وعمرك ما رضيت.
د. خالد: ما قولتلكيش خليكى جنبى، أنتى الوحيدة اللي ما عرفتش أخلص منها.
عايدة: أستحملت إنك تعرف عليا واحدة واتنين وعشرة، كنت بنفسى بأجهز لك المكان اللى هتقابلها فيه، وأعمل لك الأكل اللى هتاكله، وأنضف مكانك أنت وهى، كنت بأموت وأنا بأتخيلك مع غيرى، وكفاية إنى ضحيت بأمومتى عشانك، ضحيت بالرجل اللى حبنى.
فلاش باك
عايدة في شقة خالد
د. خالد: في إيه جايبانى على ملى وشى، زى ما تكون الدنيا اتهدت.
عايدة: الحقنى يا خالد أنا حامل.
د. خالد: حامل؟
عايدة: أيوه وفي الشهر التالت.
د. خالد: إزاى ما خدتيش بالك؟
عايدة: المصيبة حصلت وخلاص، المهم دلوقتى لازم نخلص من الحمل ده، هاتفضح، عبده مسافر بقى له سبع شهور.
د. خالد: خلاص هأعمل لك عملية إجهاض.
عودة
عايدة: رحمى ما استحملش ما كانتش أول عملية إجهاض.
فلاش باك
حجرة عمليات
عايدة ممددة على سرير طبى ودكتور خالد وطبيب آخر يجريان عملية جراحية لها.
د. خالد: وبعدين في النزيف ده؟ لازم أتصرف.
الطبيب المساعد: هتعمل إيه يا دكتور؟
د. خالد: لازم نشيل الرحم فورا.
الطبيب المساعد: معقول هو ده الحل؟
د. خالد: لو ما عملتش كدة هتموت.
عودة
عايدة: وشيلت الرحم من غير ما تشورنى، وأول ما فوقت من العملية وعرفت ما كانش هامننى إنى مش هاخلف تانى قد خوفى من جوزى، هاقول له إيه.
فلاش باك
عايدة: يا لهوى شيلت الرحم؟
د. خالد: ما كانش قدامى حل غير كدة.
عايدة: وهأقول إيه لعبدو؟
د. خالد: قولى له إن كان عندك ورم خبيث فيه وكان لازم ينشال.
عودة
عايدة وهي تبكى: وعبدو كان كريم معايا زى عادته، اتمسك بيا حتى بعد ما عرف إنى مش هأخلف أبدا، وقال لى ولا يهمك، مش عايز عيال، المهم أنتى.
د. خالد: وأنتى ردتيله الجميل، واحدة غيرك كانت حمدت ربنا إنه سترها وعاشت خدامة تحت رجله.
عايدة: أنا اللى استاهل،
أنا ماشية.
د. خالد: في ستين ألف داهية، يا ريت ما أشوفش وشك تانى هنا.
انصرفت عايدة وعاد خالد إلى زهرة، جلسا يتناولان العشاء.
زهرة: مالك يا خالد؟
د. خالد: ما فيش.
زهرة: شكلك متضايق قوى.
د. خالد: أتضايق إزاى وأنتى معايا يا حبيبتى؟
زهرة: طب خلاص بقى مش هينفع أتكلم معاك النهاردة.
د. خالد: خير في إيه؟
زهرة: كنت عايزة أشتغل يا خالد.
د. خالد: أنتى ناقصك حاجة؟
زهرة: الموضوع مش موضوع فلوس يا خالد، أنت بتسيبنى طول النهار، وأنا بقيت أزهق من القعدة لوحدى.
أنا آسف يا حبيبتى، أنتى عارفة إن شغلى واخد كل وقتى.
زهرة: وأنا ما أعترضتش، بس سيبنى أتسلى في أى شغل.
د. خالد: طب سيبنى دلوقتى على ما أشوف حاجة تليق بمرات دكتور خالد عز الدين.
ظلت عايدة تبكى طول الليل، وتحدث نفسها.
عايدة: إيه اللى عملته في نفسى ده؟ عبد الرحمن ما يستاهلش منى كدة، ربنا بيعاقبنى، أنا لازم أتوب وما أعملش كدة تانى.
عايدة: معقولة ربنا هيقبل توبتى في السن ده؟ وليه لأ؟ ربنا غفور رحيم.
شعر عبد الرحمن بها فاعتدل مكانه وقال بلهفة: مالك يا حبيبتى؟
عايدة: أختى تعبانة
قوى يا عبدو، تخيل ولادها الاتنين مش عايزين ينزلوا يشوفها.
عبد الرحمن: أكيد مش فاضيين، أو عشان الفلوس.
عايدة: دى اتحايلت عليهم وقالت لهم هأدفع لكوا تمن التذكرة وبرضو ما نزلوش.
عبد الرحمن: لا إله إلا الله، أدى يا ستى العيال والخلفة.
عايدة: تصدق إنى كل ما أزعل إنى ما خلفتش أشوف أختى أقول الحمد لله، أنا لو ولادى عملوا فيا كدة كان ممكن أموت، زمن ما يعلم بيه ألا ربنا، إيه الجحود ده؟!
عانت عايدة معاناة شديدة بسبب ابتعادها عن دكتور خالد، وكلما همت بالاتصال به تذكرت ما فعله بها فتراجعت، هجرها النوم وفقدت شهيتها وقل تركيزها، ذبل عودها، لاحظ عبد الرحمن ذلك فسألها بلهفة: مالك يا عايدة؟ بقيتى على طول منطوية على نفسك وساكتة.
عايدة: البنات قطعوا بيا قوى.
عبد الرحمن: للدرجة دى كنتى بتحبيهم؟
عايدة: دول بناتى يا عبدوه، أنا اللى مربياهم.
عبد الرحمن: هي البنات لسة متجوزة إمبارح؟ لا أنتى اليومين دول متأثرة قوى.
عايدة: أنا من يوم ما اتجوزوا وأنا حاسة بالوحدة وزعلانة، بس ما كنتش بأبين قدامك، كفاية اللى أنت فيه.
عبد الرحمن: طب ما تروحى لهم.
عايدة: مش عايزة أتقل عليهم دول مهما كان عرايس ربنا يفرحهم.
عبد الرحمن: خلاص تعالي معايا، أنا مش هأخرج وأسيبك كدة في الحالة دي.
عايدة: ماتحملش همى، أنا هابقى كويسة، وبعدين أنا عايزة أشوف شغلى هنا، ما فيش وقت، أنا بأرجع من شغلى يا دوب أنضف الشقة وأعمل الأكل وأروح أبص على أختى بيكون اليوم خلص.
عبد الرحمن: قلت لك أجيب لك واحدة تساعدك.
عايدة: على إيه يا عبدو؟ الشقة على طول نضيفة، والاكل ما بياخدش نص ساعة، روح أنت شغلك.
عبد الرحمن: ماشي يا حبيبتى، هابقى أتصل بيكى كل شوية أطمن عليكي.
توقع دكتور خالد ألا تتحمل عايدة بعده وأن تحاول الاتصال به، لكنه صدم من قدرتها على البعد، اتصل بها، لم ترد عليه لكنها فرحت باتصاله.
حل عيد زواج دكتور خالد وزهرة، احتفلا به في حضور اسرته وأسرتها وبعض معارف دكتور خالد من الأطباء والجيران، أهداها سيارة كما وعدها،.
حضرت عايدة، ظلت طول الحفل صامتة، تنظر من آن لآخر لخالد بحسرة ومرارة، هو أيضاً ظل يختلس النظرات لها، لم ينس أن يمازحها ويقدم لها بنفسه الحلوى والمشروبات، وكأنه لا يريد أن ينقطع الحبل بينهما، لا يريد لنار حبه بداخلها أن تنطفأ، لكنها تجاهلت كل محاولاته، ولم تعره اهتماما، لكنه لم يفقد الأمل خصوصا وأنها لم تقم بعمل حظر له، هي ما زالت تحبه وتريده لكنها جرحت منه، إذن عليه أن يعتذر لها، هو كما قالت لم يجد من تفهمه مثلها، حتى زهرة لم تستطع أن تفهمه كما فهمته هى، أحبته بجنون، أعطته بلا حدود وبلا مقابل، منحته ما لم تمنحه امرأة إياه، اعتادها، عليه أن يعترف أنه يفتقدها، حتى لو كان لا يحبها، لكنه يرغبها، عليه أن يعترف أنه لم يجد الراحة إلا معها، كان قديما يلقى برأسه على كتفها وينسى هموم الدنيا، يشعر معها بالأمان، نعم الأمان، كان عندها حل لجميع مشاكله، يكفى أنها أعطته ميراثها من أمها ليفتتح عيادته بأهم أحياء مصر الجديدة، ولولاها لظل بمكانه بالحى الشعبى بعين شمس، لم تذكره بهذا أبدا، حتى وهو يطردها ويهينها، وعندما رحلت هذه المرة رحلت في صمت، وكأن خسارتها فيه أكبر من كل خسائرها المادية، شعر خالد بالندم الشديد وقرر استعادتها مهما كلفه هذا من ثمن.
ظلت عايدة على موقفها، ودكتور خالد يطاردها، أرسل لها أكثر من مرة رسالة اعتذار، كانت ترى الرسالة ولا ترد، ذهب إليها في العمل، على اعتبار أنه زوج ربيبتها زهرة، فاستقبلته استقبالا فاترا واعتذرت بانشغالها بالعمل، كاد دكتور خالد أن يجن، اعتاد أن يكون هو المتحكم في العلاقة، هو من ينهيها، لم يقابل بعد من عرفته وتركته بإرادتها، كما أنه واثق من حب عايدة له، أيعقل أن تكون كرهته؟!
اعتادت نرمين أن تذهب لقضاء يوم الجمعة في منزل عمها عبد الرحمن، خصص عبد الرحمن هذا اليوم لاجتماع الأسرة، انتظمت نرمين في الحضور في حين غابت زهرة بأوامر خالد، وبعد إلحاح منها أصبحت تذهب مرة كل عدة أسابيع.
اجتمعت الأسرة، عبد الرحمن وعايدة ونرمين وزهرة.
نرمين: اتكلمتى مع دكتور خالد في موضوع الخلفة يا زهرة؟
زهرة: لا، قصدى آه.
نرمين: في إيه يا زهرة؟
زهرة: أنا بصراحة كلمته وفضل يقول ما شبعناش من بعض وسيبى الموضوع ده على ربنا، أنا حاسة إن في حاجة وخايفة أضغط عليه أحرجه.
نرمين: قصدك إنه يكون ما بيخلفش.
زهرة: ما أعرفش.
نرمين: بس هو دكتور وأكيد عارف هو بيخلف والا لأ، لو كان واثق من نفسه كان هو اللى دور على الخلفة.
تدخلت عايدة في الحوار.
عايدة: بس لو كان عنده مشكلة وخبى علينا ده يبقى مجرم.
زهرة: خلاص بقى ده نصيبى وأنا راضية بيه.
عايدة: يعني إيه راضية بيه؟ لو مش هيخلف سيبيه، أنتى لسة صغيرة.
نرمين: استنى يا طنط عايدة يمكن تكون مشكلة بسيطة.
زهرة: ويمكن تكون المشكلة عندي.
نرمين: طب ما تروحى تكشفى من وراه وتتطمنى على نفسك.
زهرة: لا مش عايزة أعمل كدة عشان ما ينزلش من نظرى.
نرمين: أنتى حرة بس والله لتندمى بعد كام سنة، بعد ما تنتهى نشوة الحب ده أنتى بنفسك اللى هتدورى على الخلفة.
زهرة: وهيفيد بايه لو كان خالد ما بيخلفش؟ أنا استحالة هأسيبه، ولو مكتوب لى خلفة تبقى لازم تكون من خالد.
عايدة: إيه الكلام الفاضى ده؟ لأ طبعا الأمومة مقدمة على أى حاجة تانية.
زهرة: إحنا صحيح ما نعرفش عدم الخلفة منك وإلا من عمو، بس لو كان من عمو كان ممكن تسيبيه عشان تخلّفى؟
عايدة: أنا وعمكوا حالة خاصة، لا نتشبه بحد ولا حد يتشبه بينا، كبرنا مع بعض، بنسند بعض، لكن أنتى ربنا يخلى لك جوزك.
أكبر منك بكتير، محتاجة عيل أو عيلة لما تكبرى يسندك.
زهرة: السند ربنا، أنا لازم أقوم أمشى عشان خالد زمانه مستنينى النهاردة الجمعة اليوم الوحيد اللى بنقعده مع بعض.
كان دكتور خالد يتصل بزهرة عندما يقترب من المنزل لتستعد لقدومه، كانت تفتح النافذة وتنتظره كالأطفال، توقفت سيارته ونزل منها، وعندما تأكدت من عودته اتجهت إلى المرآة تصلح مكياجها استعدادا لحضوره، مرت ربع ساعة دون حضور خالد، عاودت زهرة النظر من النافذة فربما يكون قد خرج مرة ثانية، لكنها وجدت السيارة في مكانها.
زهرة: العربية في مكانها، أمال راح فين؟
فتحت زهرة باب الشقة وظلت تتلفت يمينا ويسارا كالمجنونة، نظرت على السلم لأسفل فلم تجد شيئا، ثم نظرت لأعلى، ثم صعدت السلم وهبطت بسرعة لكنها لم تعثر على زوجها، دخلت شقتها وقد قتلها القلق.
مرت ربع ساعة أخرى أو أكثر ولم يأت بعد، وأخيرا حضر دكتور خالد، دخل الشقة فوجد زهرة في انتظاره وهي عابثة الوجه على غير العادة.
د. خالد: الجميل مكشر ليه؟
زهرة: كنت فين يا خالد؟ راكن العربية من أكتر من نص ساعة.
د. خالد: كنت بأكشف على ابن البواب.
زهرة: هو أنت دكتور أطفال؟
د. خالد: أعمل إيه أمه قصدتنى، مسكينة الولد سخن من الصبح ومش قادرة توديه لدكتور.
زهرة في نفسها: مرات البواب ما عندهاش ولاد، مخلفة تلات بنات، هأعمل أنى مصدقة لما أشوف أخرتها.
د. خالد: مش أنتى دايما تقولى إن الطب رسالة والدكتور لازم يعالج الفقير قبل الغنى.
زهرة: ربنا يخليك للغلابة يا حبيبى.
وفى الصباح أرادت زهرة أن تتأكد من كلام دكتور خالد، أصبحت أحواله مريبة في الفترة الأخيرة.
وقفت زهرة أمام حجرة البواب في مدخل العمارة وهي تحمل علبة بها طعام، نادت على زوجة البواب: خدى يا عيشة الاكل ده.
خرج البواب من الحجرة، أخذ الشنطة من زهرة وقال: أم حبيبة مش هنا يا ست زهرة، بقالها أسبوع في البلد، أصل أختها ولدت وراحت تقعد معاها.
زهرة: طب يا عليوة خد الأكل ده وأما ترجع خليها تبقى تجى لى.
البواب: تأمرى يا ست هانم.
خرجت زهرة وهي تحدث نفسها: غريبة يعنى مرات البواب طلعت مش هنا، أمال خالد كان عند مين؟ ممكن يكون في حتة تانية، طب ليه يكدب إلا لو كان بيعمل حاجة غلط، هيكون عند مين يعنى؟ معقولة خالد يكون بيخونى؟ ليه مش معقولة؟ خالد تصرفاته بقت غريبة اليومين دول، وعمى يا ما حذرنى منه.
لا لا لا، خالد كان لعبى صحيح بس ده كان زمان، خالد استحالة يخونى، خالد بيحبنى، لا ده بيعشقنى.
وفي المساء عندما عاد دكتور خالد قررت زهرة مواجهته.
د. خالد: أنا هأقول لك يا زهرة أنا كنت فين