رواية زهرة في مستنقع الرزيلة كامله وحصريه بقلم جيهان عيد

رواية زهرة في مستنقع الرزيلة كامله وحصريه بقلم جيهان عيد 

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الأول
توقفت سيارة سليمان أمام منزله نزل سليمان منها متوترا، سار مستندا على عكازه باتجاه باب العمارة المرتفعة، دخل مسرعا، رآه البواب فتعجب من تسرعه فقال: هو الاستاذ سليمان ماله النهاردة طالع يجرى كدة ليه؟ ربنا يستر.
دخل سيلمان شقته، ألقى بعكازه جانبا، سار بخفة على أطراف أصابعه حتى لا تشعر به زوجته، دخل حجرة نومه فوجد زوجته ماجدة ترتدى قميص نوم شفاف وتجلس أمام المرآة تمشط شعرها.
ماجدة في الثلاثين من عمرها، شقراء شديدة الجمال.
تفاجئت ماجدة برجوعه فارتبكت وتلعثمت وقالت بارتباك: أنت رجعت بدرى ليه يا سليمان؟
سليمان: رجعت عشان أكشف خيانتك يا خاينة
ماجدة: خيانتى؟ أنت رجعت للكلام الفاضى ده تانى!؟
سليمان: أمال لابسة كدة ليه؟ قولى مخبياه فين؟
ماجدة ببرود: مشى، كان هنا ومشى لما عرفت إنك جاى مشيته.
أخرج سليمان مسدسه من جيبه.
سليمان: خاينة، أنا لازم أقتلك يا سافلة.
ماجدة بفزع: هتعمل إيه يا مجنون؟
سليمان: هأقتلك وأرتاح من خيانتك.
ماجدة: حرام عليك يا سليمان.
فى هذه اللحظة انتهى كل شئ، خرجت ثلات رصاصات من مسدس سليمان استقرت في قلب زوجته ورأسها فسقطت على الارض، أطلق سليمان رصاصة وحيدة على نفسه دخلت فمه وخرجت من خلف رأسه
دخلت نرمين وزهرة بنتى سليمان وماحدة مذعورتان (نرمين عشر سنوات وزهرة ثمانى سنوات)، ارتمت الطفلتان على جثة والديهما وظلتا تبكيان بشكل هيستيرى.
سمع البواب صوت طلقات الرصاص اتصل بالشرطة، وعلى الفور حضرت سيارة من القسم وسيارة إسعاف، دخل رجال الشرطة وكذا رجال الإسعاف ومعهم نقالتين خالتين، أرشدهم البواب إلى شقة سليمان مكان وقوع الجريمة.
وبعد قليل نزل رجال الإسعاف للشارع حاملين جثتى سليمان وماجدة زوجته فوق نقالتين، وضعوا الجثتين في سيارة الإسعاف، نزل رجال البوليس ومعهم الطفلتين وهما تبكيان بشدة وسط ذهول كل أهل الحى الذين تجمعوا والتفوا حول سيارة الإسعاف وسيارة الشرطة لاستطلاع الأمر.
انطلقت السيارتان في حين ظل الواقفون يتهامسون لتفسير سر جريمة الحى الهادئ بمدينة نصر.
البواب: لا حول ولا قوة الا بالله، يا فتاح يا عليم يا زراق يا كريم.
سيدة 1: هو في إيه، مين اللى الاسعاف شالتهم دول ومالهم؟
سيدة 2: بيقولوا سليمان ظبط مراته مع واحد في أوضة نومها قتلها وقتل نفسه.
سيدة 3: يا شيخة حرام عليكى، هواللى شكاك وبيغير قوى عليها، أنا في الشقة اللى جنبها وعلى طول بأسمعهم.
سيدة 1: أيوه ده على طول يتخانق معاها، وكل الجيران هنا عارفة، وبعدين البوليس ما لقاش أصلا إلا جثتها وجثته، راح فين عشقيها اللى ظبطه معاها؟
كان هذا الحادث أكثر ما علق في ذهن زهرة عن والديها من الطفولة، تسبقه بعض الأحداث والصور، صوت والدها المرتفع دائما، وشجاره اليومى مع أمها،.
بسبب غيرته الشديدة وشكه في سلوكها، كانت آخر كلمة نطق بها والدها قبل أن يقتلها كلمة خاينة، هل حقا أمها خائنة؟ لا يوجد ما يؤكد هذه الخيانة أو ما ينفيها، الأم لا تذهب إلى مكان بدون طفلتيها، بناءا على تعليمات الأب، لكنها تتركهما أحيانا في أماكن عامة كالحدائق والمتنزهات وتغيب بعض الوقت ثم تعود، تطلب منهما عدم إخبار الأب بذلك، ترى شخصا ما يزور أمها في غياب والدها، ينفرد بها في حجرة الصالون، تتعمد الأم أن تغلق باب الحجرة، وعندما كرر هذا الرجل زيارته اقتحمت زهرة عليهما الحجرة فوجدتهما جالسان يتحدثان حديثا عاديا، وعللت الأم وقتها حضوره بأنه يعطيها إيراد تجارة شرك بينهما، ماتت الأم ومات سرها معها، وبقيت ابنتاها لتظلا طوال حياتهما تعانيان من آثار هذه الجريمة.
دخل عبد الرحمن شقيق سليمان شقته وفي يده نرمين وزهرة ابنتا سليمان، كان الحزن والذعر مرسومان على ملامح الصغيرتين، أجلسهما عمهما بالريسبشن واتجه نحو حجرة نومه حيث تجلس عايدة زوجته (عايدة امرأة في بداية الثلاثينات، متوسطة الجمال، لكنها تهتم بملابسها وزينتها بشكل مبالغ فيه وكأنها فتاة في العشرين، حيث ترتدى ملابس مكشوفة طول الوقت، وتضع على وجهها المساحيق بكثرة).
تفاجئ عبد الرحمن بأن زوجته تجلس أمام التليفزيون تشاهد فيلما كوميديا، وهي في كامل زينتها، ثار عليها قائلا: اطفى الزفت اللى مشغلاه ده، أنتى إيه؟ ما بتحسيش؟ أخويا لسة ميت وأنت مشغلة التليفزيون ولا على بالك، وإيه اللبس اللى أنتى لابساه ده؟
عايدة: زهقت من القعدة طول النهار لوحدي، وبعدين هو اللبس هيرجعه؟
عبد الرحمن: بس على الأقل راعى مشاعرى.
عايدة: منها لله ماجدة ضيعت الراجل بعمايلها، خلته قتلها وانتحر.
عبد الرحمن: قفلى لنا بقى على السيرة دى وقومى عشى البنات.
عايدة: أنت جبتهم هنا؟
عبد الرحمن: أمال هيروحوا فين؟ دول لحمى؟ قومى اعملى لهم أكل على ما أدخلهم أوضة الضيوف، وبكرة إن شاء الله أروح اشترى لهم لبس وسراير صغيرة.
عايدة: وتشترى ليه؟ ما تحيب حاجتهم.
عبد الرحمن: الشقة متشمعة بالشمع الأحمر، وبعدين قلت لك قومى اعملى أكل، البنات طول النهار في القسم على علبة عصير.
عايدة: أنا ناقصة وجع قلب، كنت مرتاحة جيبت لى حاحة.
ظلت نرمين وزهرة بمكانهما يتملكهما الرعب، جاء عمهما عبد الرحمن واقترب منهما وقال بعطف: إيه يا بنات واقفين كدة ليه؟ ياللا طلعو هدومكوا من الشنطة وغيروا عشان ناكل، وبكرة إن شاء الله نروح نجيب سرير كمان ونجيب لعب ولبس وكل اللى انتوا عايزينه.
زهرة: أنا عايزة ماما.
نرمين: عمو هو بابا موت ماما؟
عبد الرحمن: لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم، رحمتك يا رب، الله يسامحك يا سليمان.
رن جرس الباب، فتحت عايدة الباب، دخلت هدى شقيقة عبد الرحمن ثائرة، وهي ترتدى ملابس الحداد.
هدى: خدت البنات ليه يا عبده؟ أنا مش قلت لك أنا هأخدهم عندى.
عبد الرحمن: بنات أخويا مش هيتربوا في بيت غريب.
هدى: بيتى بيت غريب يا عبده؟
عبد الرحمن: بيت عمهم مفتوح، أنا أولى بيهم، ما أبقاش أنا موجود وأنتى تاخديهم، دول بنتين، يعنى دول عرضنا يا هدى وجوزك مهما كان غريب عنهم. هدى: خلاص اللى تشوفه بس يا رب مراتك تستحملهم.
عبد الرحمن: عايدة دى ما فيش أحن منها.
هدى: أما نشوف، أنا ماشية.
عبد الرحمن: ما تقعدى.
هدى: كتر خيرك، أنا مروحة، طول النهار واقفة على رجلى.
عبد الرحمن: النهاردة كان صعب على الجميع.
حجرة عبد الرحمن وعايدة
جلست عايدة على كرسى التسريحة تمشط شعرها، في ضيق، نظرت لعبد الرحمن الجالس على كرسى مجاور للسرير يتصفح كتابا صغيرا وقالت: ما أديتش البنات لأختك ليه؟
عبد الرحمن: قولت لك البنات دول عرضى.
عايدة: طب كنت أديها واحدة وخلي التانية معانا.
عبد الرحمن: مش عايز أبعدهم عن بعضهم وأحرمهم من بعض كفاية انحرموا من أمهم وأبوهم.
عايدة: تقوم توجع قلبى أنا؟!
عبد الرحمن: يا حبيبتى اعتبريهم بناتك، دول أطفال غلابة وحالهم يصعب على الكافر.
عايدة: خلاص يا عبدو اللى تشوفه.
عبد الرحمن: أنا عايزك تربيهم وتطبعيهم بطباعك، ربنا رحمهم إن أمهم ماتت، تخيلى لو كانت فضلت عايشة بسيرتها البطالة البنات دى كانت هتنحرف.
عايدة: الله يسامحها بقى ضيعت روحها وضيعت الراجل.
عبد الرحمن: الله يسامحها.
عايدة: الله يجحمها الفاجرة.
عبد الرحمن: خلاص يا عايدة، الميت ما تجوزش عليه الا الرحمة.
عايدة: أما أقوم أبص عليهم ليكونوا محتاجين حاجة.
عبد الرحمن: يا حبيبتى يا عايدة، أنا واثق في قلبك الطيب.
وما أن خرجت عايدة من الحجرة حتى قالت بصوت هامس: بلاوى وبتتحدف عليا، أنا فاضية؟
جلس سليم وزوجته فريدة وأولاده حسام ومريم على مائدة الطعام.
سليم شقيق سليمان وعبد الرحمن، سليم في نهاية الثلاثينات، يشبه سليمان كثيرا، وفريدة في بداية الثلاثينات، جميلة رغم عبوسها الدائم، حسام 12 عاما، مريم 10سنوات، ملك 8 سنوات، نفس سن زهرة.
ملك: ماما أنا عايزة أروح ألعب مع زهرة.
فريدة: قلت لك ما فيش لعب تانى مع زهرة، وبعدين زهرة ونرمين سابوا العمارة وراحوا عند عمك عبد الرحمن.
ملك: طب أنا عايزة أروح أشوفها عند عمو.
فريدة: مش هتشوفيهم تانى، ولو روحنا عند عمك نسلم عليه قبل ما نسافر وكلمتى أى واحدة منهم هأضربك.
سليم: في إيه يا فريدة؟
فريدة: مش عايزة أولادى يختلطوا بيهم.
سليم: والبنات ذنبهم إيه؟
حسام: هو عمو قتل مامة نرمين وزهرة ليه؟
فريدة: عشان ست مش كويسة.
سليم: وبعدين يا فريدة؟
فريدة: بأقول لكوا إيه ؛ عدوا الأسبوع اللى فاضل لنا هنا في مصر على خير، وماحدش يجيب السيرة دى تانى، وأنا وأولادى مش رايحين معاك عند أخوك، ابقى روح سلم عليه لوحدك، كدة كدة عايدة ما بتطقنيش ولا أنا بأطيقها.
سليم: أنتى ما بتطقيش حد يا حبيبتي، وكويس إنك طايقانا.
وبعد مرور أقل من شهرين على الحادث.
عبد الرحمن: أنا عملت بنصيحتك وشوفت شقة بعيد عن هنا.
عايدة: أيوه أنا بأمشى في الشارع بأحس إن كل الناس بتشاور عليا؟
عبد الرحمن: كمان عشان البنات، لازم نبعد عن أى حد عرف بالحادثة، أنا أخترتها في مصر الجديدة زى ما أنتى عايزة، وكمان جنب أخوكى.
عايدة: طب كويس، وياترى هتخلى شركتك هنا والا هتنقلها هي كمان؟
عبد الرحمن: ننقل إحنا بس الأول وبعدين لما ألاقى مكان قريب أبقى أنقل.
عايدة: مش مشكلة الشركة عشان زباينك وشغلك وأهو أنت معاك العربية، المهم الشقة.
وما أن انصرف عبد الرحمن حتى اتصلت عايدة بشخص ما تزف إليه الخبر.