رواية ضمير ميت الفصل الرابع عشر 14 بقلم دنيا آل شملول

رواية ضمير ميت الفصل الرابع عشر 14 بقلم دنيا آل شملول

 ضمير ميت

الحلقة الرابعة عشر :

كانت تنظر تجاهه بأعين زائغة .. وألف سؤال وسؤال يدور داخل رأسها .. هل علم بما فعلته ؟.. لما عاد بهذه السرعة ؟.. لما يبدو غاضبًا هكذا ؟

رأفت بحدة :
هتفضلي واقفة متنحة كده كتير ؟

بدور وقد انتبهت سريعًا واعتدلت بهدوء محاولة استجماع شجاعتها :
اا .. حضرتك أنا .. أنا جيت لحضرتك المكتب أستأذن بس في أجازة يومين .. وملقتش حضرتك في المكتب وكنت راجعة أشوف دكتور فراس .

رأفت بضيق :
انتي هتحكيلي قصة حياتك !.. شوفي شغلك مفيش أجازات الفترة دي خالص .. خصوصًا اليومين دول .

بدور بتلقائية :
ليه ؟!

رأفت مضيقًا عينيه :
انتي قلتي حاجة ؟

بدور بسرعة :
لا لا أبدا .. اللي حضرتك تشوفه يادكتور طبعًا .

غادر من أمامها وهو ينظر لها شزرًا .. وما إن سمعت صوت إغلاق غرفة المكتب حتى تنهدت براحة واستعادت توازنها من جديد .

نزلت للأسفل لتباشر بعض الأعمال لكنها تقابلت مع وليد في الممر .

وليد بهدوء :
آنسه بدور .

بدور :
هممم .. نعم .

وليد بابتسامة :
اا .. أنا عارف إنه لا مكانه ولا وقته أبدًا .. بس .. بس أنا يعني كنت عايز اا ..

بدور مقاطعة :
فيه إيه يادكتور ؟.. حضرتك مش مجمع ليه؟!

وليد بسرعة :
عايز معاد من والدك .

بدور ببلاهة :
معاد إيه ؟!

وليد :
معاد أقابل والدك فيه وآجي أتقدملك .

بدور وقد اتسعت عينيها وجف حلقها :
نـ نعم ؟

وليد :
اا .. أنا آسف فعلا .. عارف الأمور دي مبتتقالش هنا بس أنا ..

بدور :
دكتور وليد .. ياريت حضرتك تكون فاكر بس إحنا هنا بنعمل أي ؟.. فلو سمحت متتخطاش حدودك معايا .

وليد بهدوء :
وفين تخطي الحدود دلوقتي ؟.. أنا بقولك عايز معاد ..

قاطعته بدور :
آسفه بجد .. أكيد ربنا هيعوضك بالبنت اللي تستاهلك .. حضرتك دكتور ناجح وكبير وألف من تتمناك .. لكن أنا للأسف ده مشغول .. ومقدرش .

أشارت بيدها تجاه قلبها قبل أن تغادر المكان .. تاركه خلفها وليد الذي عض على شفتيه بحسرة قبل أن يتمتم بهدوء :
وأنا أتمنالك السعادة أينما كانت .

ثم غادر هو الآخر غافلاً تمامًا عن ذاك الذي يُراقب الكاميرات بضحكة عالية : والله وطلعت حبيب كمان ومُضحي وشهم ياوليد .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كان يقف ناظرًا لشادي الواقف أمامه بعدم فهم .. لكنه تخطى الموقف سريعًا وهو يقول :
انت متأكد ؟

شادي :
أيوه متأكد .. أنا اتبرعتلها من فترة قريبة .

فراس :
تمام .. هتروح مع الممرضة حالا عشان تجهز .

وبالفعل تم تجهيزه ودلف لغرفة فاتن واستلقى إلى فراش بجانبها وبدأ فراس بعمل اللازم لنقل الدم من شادي إلى فاتن .

بينما يقف الجميع في الخارج وحالة من التوتر تسيطر عليهم جميعًا .

انتبه لؤي ليده التي تمسك بيد شدا فسحبها سريعًا وهو يقول بهدوء :
أنا هشوف ماما وشو وهبقى آجي تاني .

شدا بنفي :
لا لا .. خليك مع والدتك .. وأنا لما تتحسن فاتن هطلع اتطمن عليها وعليك .

أماء لؤي بهدوء وغادر المكان .

بينما حازم كان لا يزال يحاول مهاتفة عاصم الذي أجاب أخيرًا .

حازم بضيق :
انت فين يابني آدم انت؟

عاصم :
عايز أي ياحازم أنا مش فايقلك .

حازم بسخرية :
طبعًا مش فايقلي .. فايق بس تروح تتشطر على مراتك وتسيبها سايحة في دمها وتمشي .

عاصم بخوف :
فـ فاتن ؟!!!.. مالها فاتن ؟.. أي اللي بتقوله ده؟.. حصلها إيه ياحازم انطق .

حازم بسخرية :
لا متخفش نزيف وضغط عصبي وفي العمليات جوه بينقلولها دم كمان متقلقش حاجة بسيطة يا أخي .

أغلق عاصم في وجهه وقاد سيارته بسرعة جنونية متجهًا إلى المستشفى .. وما إن وصل حتى دلفها على عجلة من أمره دون حتى أن يهتم لغلق باب السيارة .. وصل حيث يقف الجميع في الإنتظار .. فاقترب بترقب وما إن رأته سمر حتى هجمت عليه .. لكن يد حازم كانت الأسرع حينما حاوطها بقوة وهو يقول بترجي :
أرجوكي ياطنط مش هنا ولا دلوقتي .. حالة فاتن متسمحش .. أرجوكي .

سمر بضيق وعصبية :
يمشي من هنا وهسكت .. يخرج من هنا وهسكت .. سيبني ياحازم سيبني .

لم يُعِرها عاصم اهتمام بل أكمل طريقه إلى غرفة فاتن .. وما إن رآها من الدائرة الزجاجية المطلة على الغرفة نائمة في هدوء هكذا حتى دق قلبه بعنف وألم لما آلت إليه حالتها بسببه .. لكن سرعان ما تحول هذا الألم إلى غضب وهو يرى شادي الممدد إلى الفراش المجاور لها وتُنقل منه دماءًا إليها .. تحول وجهه للأحمر وفارت عروقه بغضب وقبض على يديه بقوة تزامنًا مع خروج فِراس من الغرفة .. فاندفع عاصم بدون وعي إلى الداخل كي يقضي على شادي .. وقبل أن تصل يده إليه .. أحكمته قبضة قوية لم يستطع الفرار منها أو الاقتراب من شادي .. فأخذ يصرخ بهستريا :
سيبني هموته .. هموته سيبني .. هموتك .. أقسملك بالله هموتك ياكلللب .

جذبه فراس بعنف ودفعه خارج الغرفة وكاد أن يسقط إثر دفعة فراس لكنه استعاد توازنه سريعًا .

فراس بحده :
أي اللي انت بتعمله ده ؟.. انت متخلف !!

عاصم بعصبيه :
خرَّج الكلب ده من عندها وأنا هتبرعلها بالدم اللي تحتاجه .

فراس بحده :
والله إحنا مش هنوقف نقل دم من متبرع لمريضة عشان خاطر سيادتك عايز كده .. إحنا لقينا المتبرع واتبرع وخلاص انتهي الأمر .. وتاني مره هتدخل الغرفة بدون إذن هخلي الأمن يخرجك بره .. إحنا في مستشفى مش ع القهوة .

عاصم وقد هربت منه كل موازين العقل .. اقترب من فراس وهجم عليه .. ولكن فراس كان الأسرع حينما تفادى ضربة عاصم ثم أمسك بيده سريعًا وأداره للخلف وأمسكه بقوة وأخذ يتحدث بحده :
أقسم بالله هنسى إني دكتور وهتعامل معاك معاملة شوارعية .. إحترم نفسك وبالزوق إطلع بره .

اقترب حازم ليبعدهما عن بعضهما وهو يقول بهدوء :
لو سمحت ياعاصم بلاش مشاكل .. ده لا الوقت ولا المكان المناسب .. وفاتن حالتها صعبة .. أرجوك اتمالك أعصابك بس واللي انت عايزه هنعمله .

عاصم بعصبيه :
أنا مش عايز الكلب ده يقرب من مراتي تاني .

قاطعهم صوته البارد :
الكلب مقربش من مراتك أولاني عشان يقربلها تاني .. ثم إني حتى شكلها معرفوش .. تخيل ! .. بس عارف ياعاصم .. بعد اللي عملته ده .. أوعدك إني أخليك تتحسر عليها .. خصوصًا إنك السبب في اللي هي فيه .

دفع عاصم فراس واقترب من شادي الذي خرج من الغرفة للتو وبدأوا في الاشتباك حتى أتى الامن بأمر من فراس وجذبوا عاصم للخارج عنوة .. تحت صياحه وتهديداته لشادي وسبابه اللاذع .

ترنح شادي قليلا فاقترب منه فراس وأسنده إلى مكتبه ووصى على وجبة سريعة وبعض العصائر كي يستعيد توازنه من جديد .

بينما بقيت روح تبكي في مكانها على ابنها وما آل حاله إليه .. وشدا تحاوطها بهدوء .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

خرجت من المعرض وهي تتنهد بهدوء .. ثم دلفت لسيارتها متجهة للمنزل .. وما إن وصلت حتى دلفت بهدوء لتقابلها والدتها بحماس :
تعالي بقا عشان مش هسيبك النهارده غير لما تقوليلي كل حاجة عن دالين وإلا والله هعرف من بره وساعتها هزعل أوي .

غرام بتنهيدة :
ياماما ياحبيبتي يعني يرضيكي أقولك سر فراس قالهولي عشان ميبقاش يقولي أسرار تاني !

جومانه بحزن مصطنع :
إخص عليكي ياغرام .. وأنا يعني هقول لمين يعني .. أنا بس عايزة أعرف هي مين .. وبنت مين .. وعلاقتهم وصلت لفين .. وهو ناوي على إيه معاها .. عايزة أتطمن عليه بس .. تقومي تقولي معدش يحكيلك ؟!!.. لا .. إخص عليكي ياغرام ملكيش حق .. لا .

غرام باستسلام :
حاضر ياماما هقولك .. بصي ياستي .. دالين دي بنت كان فراس هيخبطها بالعربية بس ربنا سترها .. بس البنت من الخوف وقعت مغمى عليها .. فراس عملها الاسعافات الأولية في العربية لحد ما فاقت .. بعدين بقا هي زقته لما لقيته قريب منها وكانت هتصوت بس هو قالها إنه دكتور وكان بيسعفها فسكتت .. هو بقا من اليوم ده ومشاعره متحركه تجاهها .. شافها مرة تانية مع صحابها في النادي تقريبًا وبردو حبها أكتر .. بس ياستي دي كل الخلاصة .. بس هو مقليش هي بنت مين ولا كده .. هو قال إسمها بس .

جومانه بغمزة :
طب مـ تتعرفي عليها وتقربي منها .

غرام :
حاضر ياماما .. في الخطة ده متقلقيش .

جومانه بسعادة :
ياااااه .. وأخيرًا يافراس .

غرام :
إيه ياماما حيلك بس .. هو فراس عنده مية سنه ؟.. دول ستة وعشرين سنه .. محسساني إنه عجز ليه كده !

جومانه بتذمر :
وهو مين بس في سنه ده ومحبش .. دا انتي حتى متجوزة .. آه صح ياغرام .. عمرو بقالوا كام يوم مجاش ليه ؟.. ولا بشوفك تكلميه ولا يكلمك ؟.. هو فـ مهمة ولا حاجة ؟ ..
شهقت بخفة واضعة يدها على فمها وهي تتابع :
اوعوا تكونوا متخانقين !

غرام بتنهيدة :
لا ياماما هو في مهمة فعلا .

جومانه بعدم تصديق :
غرام .

غرام :
خلاص بقا ياماما .. أنا تعبانة ومحتاجة أرتاح شوية .. وبعدين عندي معرض آخر الشهر وفي حاجات كتير عايزة أعملها .. فأرجوكي بقا .

تحركت بخفه من جانب والدتها صاعدة لغرفتها .. لكنها سرعان ما بدلت ثيابها وخرجت من الڨيلا إلى حيث دالين .

بينما بقيت جومانه في مكانها تنظر لظهر ابنتها بعدم تصديق .. بالتأكيد هناك شئ ما .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

بعدما استعاد شادي توازنه بالكامل تحدث له فراس بهدوء :
ها .. انت كويس دلوقتي ؟

أماء شادي بصمت فتابع فراس :
طب ممكن أفهم إيه اللي بيحصل ده ؟.. وانت هنا بتعمل إيه ؟.. وليه الهمجي ده هجم عليك كده ؟

أخذ شادي زفيرًا طويلاً ثم أخرجه ببطء مع كلماته :
انت عارف طبيعة شغلي .. وعارف إني بوفق بين شغلي هنا وفي انجلترا .. أنا طبعا قبل وفاة بابا مكنتش بسيب مصر غير فين وفين .. بس طبعًا بموت بابا ووجود روح هناك فضلت جنبها فترة .. وفي يوم جه لروح إميل من جوزها القديم بيقولها إنهم حددوا فرح عاصم إبنها وفاتن بنت عمه .. فطبعًا روح قالت هننزل عشان نحضر الفرح .. ولازم ننزل قبله بفترة عشان تكون جنب إبنها .. وفي نفس الليلة اللي وصلنا فيها مصر .. وصلت ماسيدج لروح ونصها كان ” مرات إبنك في شقة عنوانها ( … ) .. ياتلحقيها يامتلحقيهاش .”

طبعًا رسالة زي دي مكنش فيه عقل أصلا عشان نفكر .. فطلعت فورًا على العنوان اللي في الرسالة .. وبمجرد ما وصلت شفت بنت بتجري وباين عليها بتعيط جامد وكمان مدروخه زي ما يكون هتقع .. واخدت عربيتها وساقت بسرعة جنونية لدرجة إنها كسرت مراية عربية واحد كان راكن قدامها .. روح قالت أنا هنزل أشوف في إيه فوق .. وانت الحقها دي فاتن مرات عاصم .. وفعلا نزلت هي وأنا جريت ورا فاتن .. لحد ما وقفت في مكان الكل متجمع فيه ولمحت عربيتها مولعة من قدام .. نزلت جري وخدتها من العربية وكانوا الناس طلبوا الإسعاف وأسعفناها .. ولما رحت معاها المستشفي طلبوا دم واتبرعتلها .. واصحابها لما جم أنا مشيت ووصيت في الاستقبال إن محدش يقول إسمي .. وده مكنش ليه أي سبب غير إني مش عايز أدخل في التحقيق بتاع الشرطة لا أكتر ولا أقل .. بعدها أنا كنت مقدم على صفقة مع شركات الراوي عشان شركة الأمن بتاعتي هنا علي وشك الافلاس .. ولحد ما أصفي في إنجلترا .. وبعد مفاوضات بيني وبين مراد أبو عاصم وافق .. بس بعدها بيومين سافر وجه عاصم إبنه شاف الصفقه ورفضها .. بعدها اتقابلنا في شقة والدته .. وهو اتعصب جامد وعفاريته طلعت وأنا سبته ومشيت .. بعدها رجع مراد الراوي كلمني واعتذر على إلغاء الصفقة وقال هيرجعها تاني .. وفعلا روحتله واتفقت معاه في وجود عاصم .. بعدها رحت لروح عشان أراضيها بعد ما شديت أنا وعاصم قدامها .. فجالها تليفون من أبو فاتن عشان تروح لفاتن المستشفى .. ولما رحنا عرفت إن عاصم اللي وصلها للحالة دي .. بس معرفش عمل إيه بالظبط .. والباقي إنت عارفه .

فراس بتنهيده :
إيه الزفت ده ؟

شادي :
والله ما أنا عارف أي اللي بيحصل بالظبط .. ألا قولي أي حصل معاك بخصوص البنت اللي أنقذتها دي .. والبت اللي كانت خاطفاها ؟ .. وصلت لحاجه ولا إيه الدنيا ؟

فراس :
دالين لسه معايا .. والبت سفرتها واديتها مطلق الحرية في التصرف بعد ما ادتها مبلغ تقدر تفتح منه مشروع كويس عشان مترجعش للشغل ده تاني .
أما أسباب خطف دالين لسه موصلتش لحاجه أكيده .

شادي :
ياااه يافراس .. ده الموضوع عدى عليه وقت طويل يابني .. طب الشرطة عملوا إيه ؟

فراس بلامبالاه :
اتقيدت القضية بتاعة الجثة ضد مجهول .

شادي :
معقولة !!.. طب ودالين اللي المفروض لسه مخطوفة ؟

فراس :
عمرو جوز أختي وصاحبه كانوا ماسكين القضية وخلصوها .. أنا كنت معرف عمرو كل حاجة .. وكان في واحدة بتساعدني أعرف خطوات الظابط التاني .. وقدرت أسبقه بخطوة كل مره وأبعده عن طريق وجود دالين .. وكل ده عشان أكسب وقت بس وأعرف سبب خطفها .

شادي :
وانت مهتم ليه كده ؟!

فراس :
سيبك انت .. المهم انت هتستقر هنا بقا ولا إيه ؟

شادي :
اه .. شهر ولا اتنين بالكتير وهكون صفيت شغلي هناك وهستقر هنا .

فراس بهدوء :
تنور ياباشا .

ابتسم شادي بهدوء ثم استأذن للذهاب .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

جلس لؤي بجانب والدته وأخذ يقبل يدها بحب :
ألف ألف ألف حمد الله على سلامتك ياست الكل .. كده تخضيني عليكي وكنتي هتوقفي قلبي .

جنات وهي تربت على وجنته بحنان :
بعد الشر عنك ياحبيبي .. بعد الشر .

طرقات على الباب قاطعتهما فأذن لؤي للطارق بالدلوف .. دلف فراس بهدوء وابتسامة هادئة على غير العادة ترتسم على محياه ليقول ببحة خفيفه :
حمد الله على سلامتك يا ست الكل .

نظرت له جنات قليلا بشئ من التَّفَحُّص .. ثم قالت بخفوت :
الله يسلمك .

فراس بهدوء :
أنا دكتور فراس .. المشرف على العمليه بتاعة حضرتك .

أماءت جنات عدة مرات ثم لازت الصمت بعدها .. فحصها فراس سريعًا ثم ابتسم بهدوء وهو يدون بعض الملاحظات وتحدث موجهًا حديثه للؤي :
حمد الله على سلامتها .. إن شاء الله يومين بالكتير وتقدر تخرج بيها .. ودي كل الأدوية اللي هتحتاجها .. وطبعا مش هوصيك تاني .. الأدوية ضرورية وأي حاجة تحصل أعرفها أول بـ أول عشان ده مهم جدًا في تحديد حالتها الصحية .. أستأذن أنا .

ثم نظر تجاه السيدة جنات التي تنظر له في حزن دفين وتحدث بهدوء :
حمد الله على سلامتك مرة تانية ياست الكل .

غادر المكان بهدوء تاركًا لؤي الجالس في حيرة من أمره بسبب تصرف فراس معه .. من المفترض أن يتجنبه أو يتجنب النظر إليه .. لكن لما يقف أمامه بهذه الثقه وهذا الهدوء .. ما الذي يخفيه فراس عن الجميع ؟

بينما كانت السيدة جنات سابحة في شرودها الذي أصبح لا متناهي في الفترة الأخيرة .. فهي دائما تفكر في نفس الموضوع .. هل سيسامحها لؤي حينما يعرف بالحقيقة أم ماذا ؟

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

دلفت لغرفة الممرضات بهدوء وقامت بالإتصال على رقم ما .. حتى أتاها الرد ..

شدا :
ها يا بدور عملتي إيه ؟

بدور :
كله تمام وفل الفل .. البرنامج في الجهاز دلوقتي و نشط كمان .

شدا :
براڤو .. إوعي يكون حد شافك .

بدور :
لا لا خالص .. بس في حاجة .. لما خرجت من المكتب قابلني دكتور رأفت .. فعشان أتحجج قلتله إني جيت أطلب أجازه فقالي اليومين دول بالذات مينفعش أبدا .. وكان واضح إنه بيتكلم بجدية زيادة كده وعصبية .

شدا :
امممم .. أنا لازم أقول لفراس .. خلاص يابدور أوك .. خلي بالك من نفسك ها .

بدور :
متقلقيش .

أغلقت بدور مع شدا وتنفست الصعداء .. ثم عدلت ملابسها وخرجت من الغرفه .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

شدا بهدوء :
حازم اللاب توب فين ؟

حازم :
في العربية .

شدا :
طب تعالى معايا .

خرجا معًا بهدوء وجلسا داخل السيارة .. وبدأت شدا في فتح الجهاز وبعدها قامت بمتابعة جهاز رأفت الصاوي الذي أصبح متصلًا بجهازها الآن عن طريق برنامج الاختراق الذي وضعته بدور داخل جهاز رأفت .

حازم :
ها .. وصلتي لحاجة ؟

شدا بسرعة :
لازم نطلع لفراس .. هو اللي هيفهم كل ده .

صعدا معًا وجلسا أمام فراس بهدوء بعدما أخذ منهم الجهاز وبدأ في تفحص الجهاز بأعين ثاقبة .

شدا :
ها .. لقيت إيه ؟

فراس :
أنا لازم أروح المستشفى فورًا .

تحرك سريعًا من أمامهم .. ولم يمنح لأي منهما فرصة سؤاله عن أي شئ .. فما رآه الآن كفاية لأن ينقلب حاله إلى النقيض تمامًا ..

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

وصل للمستشفى وترجل من السيارة سريعًا .. كانت بدور على وشك الخروج من البوابة قبل أن تصطدم به .. ترنحت للخلف لكنها استعادت توازنها سريعًا ..

فراس بهدوء :
ماشية ؟

بدور :
آه .. محتاج حاجة ؟

فراس :
خليكي نص ساعة بس .. إحتمال أحتاجك .. خليكي في غرفة الممرضات .

تحرك سريعًا بعد جملته تلك دون أن ينتظر ردًا منها .. وكان على وشك الدلوف لمكتب والده ولكن أوقفه صوت والده الصارخ من الداخل .. فهربت الدماء من وجهه وجف حلقه وانتفض قلبه بعدما سمع ما تفوه به والده .

ركض للخارج مجددًا وهاتف شادي الذي أجاب بهدوء :
فراس ؟!

فراس :
شادي بسرعة بنفسك تطلع على العنوان اللي هبعتهولك في ماسيدج وخد شدا معاك من المستشفى .. وطلعوا دالين من الڤيلا فورًا .

شادي بسرعة :
تمام .

أغلق فراس وهو يتنفس بسرعة .. وأرسل العنوان في رسالة نصية .. والآن لن يواجه والده .. لطالما علم والده بوجود دالين مع فراس فمن الآن سيلعب لعبته البديلة .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

أنهى رأفت المكالمة المهمة بالنسبة إليه ثم جلس إلى مكتبه بضيق مغمض العينين بقوة ..

طرقات على الباب دلف بعدها مهاب الذي تحدث بفتور :
أي حصل تاني يارأفت ؟

رأفت بضيق :
دالين بنت الربيعي .. اللي خطفها هو فراس ابني .

مهاب بتوجس :
فراس ! .. وده عمل ليه كده ؟.. معقولة عرف حاجة ؟

رأفت :
معرفش .. بس لازم نكون حريصين وإحنا بنتعامل معاه .. فراس مبيبينش اللي جواه بالساهل .

مهاب :
والله يا رأفت ده ابنك .. والمفروض إنه يبقى تحت دراعك .. أنا مش عارف انت سايبه ليه كده !

رأفت :
انت عارف فراس وحوار المبادئ والأخلاق .. فراس تربية جومانه مش رأفت .. عرفت ليه مش تحت دراعي .

مهاب زافرًا بضيق :
والله فراس لو كان تحت إيدك كان نفعنا في حاجات كتير أوي يا اخي .. المهم .. انطلبت مننا شُحنة جديدة .. بس خد بالك شُحنة المرادي تقيله شويتين .

رأفت :
إيه التفاصيل .

مهاب :
استنى هجيب جهازي واجيلك .

خرج مهاب واحضر جهاز اللاب توب ودلف لرأفت مجددًا وقام بتوصيل الجهازين ببعضهما وبدآ في قراءة تفاصيل الشحنة المطلوبة .

رأفت :
الموضوع صعب شويه .. بس مش علينا أكيد .

مهاب بضحكة خبيثة :
عيب يا رأفت .. والضحية تحت إيدي .

رأفت بضحكة عالية :
دا انت متفوتكش فايتة أبدا .

مهاب بضحكة :
عيب عليييك .

رأفت :
وبنت الربيعي كمان .. هتبقى فوق البيعة .

مهاب بغمزة :
وماله .. فوق فوق البيعة كمان .

ضحكا معًا بصوت عالي وبدآ في التحدث عن الشحنة وما سيفعلانه بها .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

كانت في طريقها لغرفة والدة لؤي ولكن قبل أن تطرق الباب أتاها صوت شادي :
شدا .. شداا .

التفتت شدا لمصدر الصوت فوجدته شادي قادمًا إليها ركضًا .

شدا بخوف :
في إيه ؟؟؟.. فاتن حصلها حاجه ؟

شادي بسرعة :
لا .. دالين … يلا بسرعة هنطلع دالين من الڤيلا .

شدا برعب :
د دالين مالها حصل أي ؟

شادي :
يلا بسرعه مفيش وقت .

كانا على وشك الذهاب لكن قاطعهما صوت لؤي :
أي اللي بيحصل هنا ؟

شادي بارتباك :
اا أنا جاي اخد شدا تشوف فاتن بس .

نظر لؤي لشدا وهو يقول بهدوء :
دالين مالها ؟

ازدردت شدا ريقها بتوتر ثم قالت سريعًا :
تقريبا دالين في مشكلة .. بعدين هكلمك .

لؤي سريعًا :
خليكي هنا جنب أمي وأنا هروح معاه .

لم يعطها فرصة للرد فجذب شادي وركضا من المكان سريعًا .

شادي لم يعرف ماذا عليه أن يفعل .. فأرسل لفراس رسالة أخبره فيها بما حدث بإيجاز ..

فرد فراس برسالة هو الآخر بأن لا مشكلة وهذا أفضل .

وصلا حيث العنوان فترجل شادي ولؤي من السيارة ودلفا للڤيلا بعدما أفسحوا رجال الأمن الطريق لهما .. فهم يعرفون شادي حق المعرفة .. فهو من وظفهم لدى فراس من الأساس .. ولأن فراس هاتفهم أيضًا وأخبرهم باللازم .

شادي موجها حديثه لرجال الأمن :
مجرد ما نخرج من هنا تمحو أي أثر لوجود أي حد هنا وتستنوني في الشركة .

أماء الحراس بهدوء .. فدلف لؤي أولا وأول من رآته كانت السيده ابتهال .. ولم تستعجب وجوده .. فقد هاتفها فراس وأخبرها بأنها ستنتقل هي ودالين من المكان .

لؤي بهدوء :
فين دالين؟

قاطعه صوتها وهي تنزل الدرج :
أنا هنا .

لؤي بهدوء :
نمشي ؟

أماءت دالين عدة مرات فتحرك لؤي تجاهها وحمل حقيبتها ظنًا انها ثقيلة أو شئ من هذا القبيل .. ودلف شادي وحمل حقيبة السيدة ابتهال .. وخرجوا جميعًا من الڤيلا .. كان شادي هو من يقود السيارة .. فسأل لؤي بهدوء :
فراس مقالش هنروح فين .. هنعمل إيه ؟

لؤي بتفكير :
اطلع على البيت عندي .

شادي بعدم فهم :
البيت عندك إزاي يعني ؟

لؤي :
عندي محدش هيوصلها .. انجز دلوقتي .

كانت دالين تجلس في الخلف وتستمع لهما ببعض الخوف .. وكانت السيدة ابتهال تمسك بيدها وتُربت عليها بهدوء لتطمئنها ولو قليلا ..
وصلوا أخيرًا حيث منزل لؤي .. فدلف لؤي أولًا وأفسح لهم مجالا للدخول .. ثم أخبر كل من دالين والسيدة ابتهال بأن يعتبراه منزلهم … ثم تحرك هو وشادي من المكان .

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

بدأت تفتح عينيها تدريجيًا حتى اتضحت لها الرؤية تماماً .. فأخذت تنادي بوهن : عـ عاصم .. عاصم .

اقتربت روح منها سريعًا وأمسكت بيدها وأخذت تقبل جبينها بحب وهي تتمتم :
حمد الله على سلامتك ياحبيبتي .. ألف حمد الله على سلامتك .. ربنا ما يعودها أبدا أبدا يارب .

فاتن بوهن :
أنا .. أنا فين ؟.. عـ عاصم .. عاصم فين ؟

روح بهدوء :
عاصم جاي ياحبيبتي .. جاي على طول متقلقيش .. وانتي في المستشفى .

أماءت فاتن بهدوء قبل أن تنفجر باكية وهي تقول بصوت مبحوح :
عاصم ضربني .. أنا معرفش إيه اللي حصل .. هو .. هو أي اللي حصل ياطنط ؟.. عاصم ماله ؟.. وليه ضربني ؟

روح بتنهيدة محاولة أن تكون هادئة قدر المستطاع :
اهدي يا فاتن .. مينفعش كده .. قوميلنا بالسلامة بس وبعدها كل حاجة هتتحل .

فاتن من بين دموعها :
هو قال لماما بنتك طلعالك .. هو قصده أي؟ ليه بيقولي أنا شبهها .. أنا مش كده والله .

روح وقد ذُهلت مما سمعته للتو :
عاصم قال كده ؟

أماءت فاتن بتعب وهي لا تزال تبكي .

ربتت روح على شعرها بحنان وهي تقول بهدوء :
اهدي يابنتي اهدي عشان خاطري .. هو في سوء تفاهم .. في حاجة غلط .. وعاصم هييجي عشان يصلح غلطه ده متقلقيش .. هيجيلك والله يابنتي .

أماءت فاتن بهدوء وبدأت تغفو من جديد ..

تنهدت روح بتعب وهي تتمني أن ينصلح الحال قريبًا .. بينما كانت سمر تجلس في نهاية الغرفة تنظر تجاه ابنتها بأعين زائغة .. لماذا تألمت ابنتها من جملة عاصم بأنها تشبه والدتها ؟.. هل تعلم شيئًا ؟!!.. وهل يعلم عاصم هو الآخر شيئًا ؟!!.. وماذا عن روح !! .. هل الجميع يعرف خيانتها هنا ؟! ألهذا تُعاملها فاتن بجفاء منذ الحادث ؟

تحركت من الغرفة بهدوء وخرجت للممر وجلست إلى أحد المقاعد وأخرجت هاتفها لتتحدث إلى مراد ليشاركها ما تفكر به .. لكن هل حقًا سيشاركها شئ كهذا .. أم سيلقيها كأي شئ لا أهمية له ؟!.. كشئ إكتفى منه ؟!!

أتاها الرد بعد عدة محاولات ..

سمر :
مراد .. في خبر مش كويس .

مراد بلامبالاه :
خير .

سمر :
مراد إيه البرود اللي انت فيه ده ؟.. بقولك في خبر مش كويس .

مراد :
هيكون في إيه ياسمر .. ما تنجزي أنا مش فاضي .

سمر :
طب يا للي مش فاضي احتمال تبقى فاتن وعاصم عارفين بعلاقتنا .. أنا شاكه إنهم عارفين .

مراد :
بقى بزمتك متصلة بيا كل ده عشان تقوليلي احتمال وشاكه !.. سمر أنا مش فاضي للعب العيال ده .. خلي بالك من بنتك شوية واخلعيني من دماغك دلوقتي .

أنهى جملته مع غلقه للهاتف في وجهها مما أصابها بالذهول .. أخذت تنظر للهاتف بعدم تصديق .. هل حقًا قال ما قال وفعل ما فعل ؟؟

كزت علي أسنانها بغل وهي تتوعده في داخلها شر وعيد .

°° يتبع °°